التقديرات الخاطئة

حسين الصدر

 

-1-

من أسوأ الأعمال وأكثرها دلالةً على الاضطراب النفسي التهاون في إيصال ما يأتمنك عليه الناس من رسائل الى كبار المسؤولين .

وقد تجتمع العديد من الرسائل فتعمد الى التخلص منها والنكوص عن ايصالها خشية أنْ يُعرض عنك المسؤولون الكبار ..!!

انها احدى ملامح الضعف في الشخصية كما أنها مؤشرٌ مِنْ مؤشرات الدونية والأنانية .

-2-

ما ضرّك لو أوصلتها ، فقد يهتم بها المسؤول الكبير ويبت فيها بما يرضي أصحاب الحاجات فلماذا تكون المانع من ذلك ؟

ولماذا قَبِلْتَها إنْ لم تكن راغباً في ايصالها ؟

-3 –

واذا كان رأس الهرم شفيقا على مواطنيه فانه لن يرضى يقينا بحجب تلك الرسائل عنه .

-4-

ومن أروع القصص في هذا الباب قصة ( محمد بن علي الوكيل ) الذي حمّله الكثيرون رسائلهم الى (القائم بأمر الله ) فعمد الى إلقائها في بِركة ماء ،غافلاً عن أن القائم بأمر الله كان ينظر اليه وهو لا يعلم .

فلما وصل الوكيل أَمَرَ القائمُ بأمر الله الخَدَمَ بأخذ الرقاع من البركة فتبادروا اليها وبسطوها في الشمس فكلما جفّت قصة حُملت اليه ، فلما تأملها جميعا وقعْ عليها جميعاً بأغراض أصحابها .

وهكذا يكون الحاكم العادل .

ثم انّ القائم بأمر الله سأل الوكيل :

ما حملك على هذا الفعل ؟

وهل كان عليك في ايصالها دَرَكٌ ؟

فأجابه الوكيل بجواب بارد قائلا :

( وقع لي أن الضجر يقع منها ) أي ان الوكيل كان يخشى أنْ تضجر تلك الرسائل السلطان ، فقال له السلطان :

ويحك

ما أطلقنا من أموالنا شيئا ،

بل نحن وكلاء ،

فلا تَعُدْ الى مثل هذا ،

ومتى ورد عليك وارد فايّاك أنْ تتوانى عن ايصاله الينا .

-5-

ان أمثال وكيل القائم بأمر الله كثيرون في كل عصر ومصر، ولكنّ أمثال القائم بأمر الله في الاهتمام بالمواطنين وحاجاتهم قليلون .

وهنا تكمن المشكلة .