فاتح عبدالسلام
مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادثة سقوط المروحية، حدث مفصلي مهم في هذا البلد، فهو من قيادات ايران المتشددة التي تمثل مرجعية المرشد الأعلى خير تمثيل ، ولا نستغرب ماكان يقال عن انه البديل الطبيعي للمرشد في حالة غيابه ، لكن الاقدار جعلت غياباً يسبق غياباً.
ما تحتاجه ايران في هذه الأيام المهمة والحزينة هو أن تفيد من تعاطف دول العالم معها في مصابها الكبير، وتحقق من خلال ذلك اتصالات للانفتاح على العالم، لاسيما الولايات المتحدة التي تقيم معها اتصالات ومباحثات غير مباشرة، منذ فترة من الزمن، لكنها في الوقت ذاته مطالبة بالشروع بخطوات انفتاحية تمنح العالم اطمئنانا إزاء ملفات عدة ومنها نفوذ الاذرع العسكرية غير النظامية لها في الشرق الأوسط.
بالنتيجة فإنّ أيّ تقارب حقيقي بين طهران وواشنطن، قد يفضي الى حل المشكلات الكبرى لاسيما في ملفات النووي والتسليح وعدم التدخل في شؤون الشرق الأوسط، وانّ البديل سيكون منح ايران حصة من مشاريع التنمية والاستثمارات الغربية، مقابل تخلي ايران عن المنحى القديم في النفوذ في المنطقة، وانّ ذلك بات حتمياً بعد ان التقطت ايران تغييرات في العلاقة مع سوريا، التي لها ملفاتها العالقة للاندماج مع العرب بعد عودة دمشق الى حضن الجامعة العربية.
قبل ان يقفز الاخرون، ومنهم سوريا من المركب الإيراني المعرض للضربات والطعنات، على طهران ان تقرأ الرسالة جيداً من عنوانها الى سطورها الداخلية، فسوريا تجيد “القراءات الصعبة” التي تحفظ مصالحها مهما تضررت، وانّ ما لحق بسوريا من جراء العلاقة مع اذرع ايران، هو ضرر كبير يرصده العرب باهتمام ويريدون تغيير هذا الواقع لكي يضمنوا الاندماج الصحيح لسوريا مع العرب وجعلها تتلقى المساعدات في إعادة اعمارها.
سوريا وايران يقفان على مفترق طريق، والاثنان ينشدان مصالحهما الاستراتيجية، واظن انّ سوريا تدرك انّ العرب قد ينفعونها الان بالدعم المالي والاستقرار الأمني بعد التفاهم مع تركيا، وانّ المرحلة الإيرانية تحمل معناها من اسم المرحلة لا اكثر. وكذلك ايران لها أن تنتهج المسارات الجديدة لاسيما بعد أن كشف سقوط مروحية الرئيس عن إمكانات تكنولوجية متواضعة لا تتناسب مع الهالة التي صنعتها لنفسها في المنطقة.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية