فاتح عبد السلام
اختارت الفصائل التابعة للحرس الثوري الإيراني قصف اهداف أمريكية داخل سوريا في الساعات الماضية، فيما تعمل اللجنة العسكرية العراقية الامريكية على مواصلة اجتماعاتها لبحث وضع سقف زمني لمغادرة القوات الامريكية العراق. ولا أظن انّ هذا ينم عن دراسة وتبصر لتحاشي الرد على الفصائل داخل العراق، لأنّ استهداف التحالف الدولي لا يزال مستمرا في امكنة مختلفة بالعراق.
المعطيات توحي بأنّ الرد الأمريكي سيكون داخل العراق، فليس هناك ثقل “ولائي” لإيران في سوريا يوازي ما لها في العراق ذات الحدود المشتركة معها.
كما انّ الدلائل المستنبطة من تصريحات أمريكية حديثة مختلفة تشير الى انّ الرد العسكري سيكون على مراكز القيادة والتوجيه وليس على مجاميع مقاتلين منفذين لأوامر عليا.
والملمح الثالث هو انّ الضربات الامريكية المنتظرة و”المؤكدة” ستجر الى تكثيف الردود المتبادلة، وانّ العراق سيكون ساحة ذلك، فهو الأرض الرخوة والمستباحة لتنفيذ الاجندات الخارجية.
تطور الأوضاع المتفجرة بعد سقوط قتلى من القوات الامريكية في قاعدة «التنف بسوريا هو ارتقاء بمستوى المواجهة العسكرية، وهذا سيلقي بظلاله على مفاوضات جدولة ما يُسمى مغادرة القوات الامريكية العراق والجارية منذ أيام. كما انَّ هذا التصعيد ليس له حدود واضحة، وانّ العراق مثل رجل ضرير يحاول أن يحجز بين متقاتلين، ليس لأي منهما رحمة او اعتبار لهذا الاعمى السائب في العراء.
إنّ اشتداد هذه المواجهات يرسخ الوجود الأمريكي في العراق، لأن الحال قد اختلف كثيرا عمّا كانت عليه الولايات المتحدة حين كان لها قوات تحمل عنوان « محتلة» وتعرف انها ستنسحب ذات يوم، وهي الان شبه رمزية بالقياس الى نصف مليون جندي امريكي غزا البلد وثبت أركان نظامه السياسي الحالي في العام 2003. وانَّ حجة وجود قوات أمريكية في العراق لابد من ضربها لكي تغادر كونها تهديدا للمنطقة تبدو غير مقنعة ،ولا تنسجم مع سياق وجود قواعد أمريكية عظيمة في مواجهة إيران في بلدين خليجيين في الأقل. فضلا عن الوجود الحربي الأمريكي في جميع البلدان الأخرى على الساحل المقابل لإيران. هل انّ التهديد الأمريكي لإيران او لفصائلها لا يكون جديا الا اذا انطلق من العراق، وليس من قاعدة عسكرية في الخليج او حاملة طائرات عملاقة في عرض البحر؟
الخلاصة، هي انّ العراق سيبقى ارض التصفيات الرخوة والمستباحة، من أجل سلامة ايران والولايات المتحدة معاً.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية