فاتح عبد السلام
جميع ما يدور من أسئلة حول المحادثات الإيرانية الامريكية، يلتقي عند حقيقة لا تغيير فيها، وهي انّ الإدارة الامريكية قررت تغيير الواقع النووي لإيران، وعدم العودة مستقبلاً بأي شكل من الاشكال لمناقشة هذا الملف، وكأنّنا في ثمانينات القرن الماضي قبل أن تباشر إيران بناء المفاعلات النووية بمساعدة أساسية من روسيا.
أمّا ثاني الحقائق فهي انّ المباحثات التي تتصدرها الورقة النووية اليوم، غير خاضعة لجدول أعمال من فقرة واحدة هي البرنامج النووي مثلما تطمح ايران أو كما هو جارٍ الآن كونها المرحلة الابتدائية من المفاوضات. إذ انَّ المفاوض الامريكي يحمل ملف الصواريخ الاستراتيجية معه لأن الجزء المصاحب لمجمل المنغصات التي ترفض واشنطن وجودها لاسيما بعد استخدام الصواريخ في جنوب لبنان واليمن وكذلك من خلال إطلاق الحرس الثوري المباشر لها في قصف اهداف في اسرائيل، وقد أكد ستيف ويتكوف على عدم التنازل عن مناقشة ملف التسلّح وحسمه.
باستثناء حصول الإدارة الامريكية الترامبية على حسم ملفين أساسيين هما النووي والتسلح فإنّ ما ابدى مخاوفه منه المرشد الإيراني الأعلى صحيح اذ لن توافق واشنطن على المناورة في هذين البندين او ترحليهما لوقت يتجاوز المهل الزمنية المقررة او المتصل بها ، ومن هنا يكون تشاؤم المرشد الإيراني في محله، وهو تشاؤم تكتيكي بالمعنى السياسي حتى اللحظة و يستطيع تحويله الى تفاؤل وانهاء الازمة الكبيرة، فالقرار بيده وحده من الآن حتى نهاية المفاوضات، وبعد ذلك سيكون القرار حصراً بيد الرئيس الامريكي ترامب الذي أعدّ العدة الكاملة للخيار العسكري الثاني، ولن يكون سهلا على ايران ، وانّ قرار الحرب برغم صعوبته سيكون خياراً استثماريا كبيرا للرئيس ترامب.
ايران امامها فرصة لإعادة انتاج ذاتها وخطابها وأدواتها الدولية ، وحالها ليس كحال العراق قبيل حرب الغزو الأمريكي العام 2003، لكنها قد تضع نفسها في مسارات مشابهة اذا لم تتكيف في التوقيت المناسب.