فاتح عبدالسلام
عجبني رد باقري كني وزير الخارجية الإيراني المكلف حين رد على آلاف السذج من سياسيين ومحللين في العالم بطريقة غير مباشرة قائلا: انه لا شيء سيتغير بوضع ايران وسياستها الخارجية والعامة لأنّ كل شيء يرسمه المرشد الأعلى.
بعد هذا الكلام بدت الصورة واضحة لا لبس فيها، وانّ “المحللين” الذين يتحدثون عن تغييرات في ايران انّما يضحكون على انفسهم قبل الاخرين.
لكن هناك شيئاً واحداً حدث هو انّ تعويض شخصية شبيهة الى حد يقارب المطلق بشخصية المرشد الأعلى علي خامنئي، هو أمر صعب، لذلك يبدو انّ الصراع على المناصب سيكون بين كفتين غير متوازنتين لبعض الوقت بعد اجراء الانتخابات المقبلة، والتي ستقام تحت سقف الولاء للمرشد الأعلى ايضاً. كما انّ ايران بعد سنوات طويلة من الصراع مع الغرب، حتى لو كان الصراع لفظياً، هي بحاجة دائما لرئيس جمهورية ذي شخصية قيادية تتوافر على المرونة والذكاء و قدرة التلميح والتصريح ليمثل الواجهة الخارجية المهمة لإيران امام العالم، وهذا أمر سيكون على مراكز القوة داخل النظام الإيراني إعادة انتاجه بما يضمن استمرارية البنائين العقائدي والسياسي للحكم.
أمّا الأسئلة التي أثارتها حادثة سقوط مروحية الرئيس إبراهيم رئيسي، فهي كثيرة، لكن أهمها يتعلّق بإمكانات ايران التكنولوجية وتصنيعها الصواريخ والمُسيّرات، وعجزها عن تأمين مروحية للرئيس ذات مواصفات عالمية تناسب المنصب. ولا أرى انّ ما ساقه بعض المسؤولين من انَّ العقوبات الامريكية وراء سقوط المروحية لأنها تمنع وصول قطع الغيار، ذلك انّ مَن يصنع الصواريخ البالستية والمنظومات الجوية لا ينتظر عتلات وفلترات وترانسسترات وواشرات وبعض البراغي من الولايات المتحدة لصيانة مروحية عمرها ما يقرب من خمسين عاماً. كما انّ الذي «يعلم» بوجود مشكلة في قطع الغيار عليه ان لا يغامر بحياة الرئيس.
لعلّ هذه «المفارقة التكنولوجية»، تكشف جانبا عن متناقضات في بنية النظام السياسي، آن الأوان للتعامل معها بواقعية من دون استعراضات عالية النبرة وتوريط الاخرين فيها أيضاً.
رئيس التحرير- الطبعة الدولية