فاتح عبد السلام
الوقائع تقول انّ زيارة رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني الى ايران كانت” مفصلية” ولا أقول “حاسمة” في الوصول الى تفاهمات اكثر وضوحا مع الحكومة العراقية التي يقودها الاطار التنسيقي الذي يمتلك علاقات متميزة مع الجانب الإيراني، كما يمتلك السياسيون في المكون الآخر علاقات مماثلة مع تركيا وبعض دول الخليج.
منذ شهور نزلت الى الملعب السياسي ورقة «المحكمة الاتحادية» التي لم تكن ذات اثر ظاهر في السنوات السابقة، ولكن هذا العامل ينتمي الى نفس سياقات العملية السياسية التي لاتزال توافقية حتى اليوم، بالرغم من ان تلك التوافقية لا تتماشى مع جميع الملفات، وتكون واضحة وقوية عند تشكيل الحكومات وحسم المناصب القيادية الكبيرة.
رئيس الإقليم الكردستاني انتقل من موقع المفاوض الى موقع الزائر المتفاهم في بغداد. وشهدت زياراته المتكررة في العامين الأخيرين الى بغداد واجتماعاته الى القيادات كافة في المشهد السياسي نوعا من الانفراج في اختناقات كانت مستمرة منذ قيام النظام الجديد في العراق. وباتت بيد المراقب معطيات توحي بأن العلاقات لو استمرت مع رئيس الحكومة العراقية الحالي و بعض فريقه لسنوات أخرى مقبلة ، ربما رسخت قواعد جديدة من العمل التشاركي الذي يحفظ وحدة البلد عبر بغداد واربيل كمركزين سياسيين رئيسيين، لكن لا توجد نفس المعطيات لدى المراقب في استمرار تصاعد الخط البياني للتفاهمات بين إقليم كردستان وبغداد ، عند مجيء حكومة جديدة بعد الانتخابات المقبلة، لاسيما انّ رياح تحالفات تشكيل الحكومات العراقية قد تكون قاسية على ما بعدها من مواقف لدى الجهة التي ستتولى الحكم، وهذا مستمد من تجارب سابقة شاخصة للعيان.
في هذا الأفق المرئي او المتوقع، لا يتردد المرء في التحذير من انتكاسات قد لا تنفع معها الوساطات « الدولية» المعهودة، لأنّ جميع الأطراف ارتضت بحسب مصالحها وظروفها الخاصة ووضع العراق القلق، في العقدين الأخيرين، بالتوافق على ترحيل المشاكل والوقوف على اراضٍ رملية متحركة بعض الوقت والتعلق بآمال لن تتحقق والمراهنة على مضي الزمن في حدوث تغيير في بناء العقلية الحاكمة للعراق التي لم يضبط حركتها حتى الدستور.
لا أعتقد أنّ سلّة ثمار النتائج تحوي أكثر من ذلك حتى الآن.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية