الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الرسائل العلمية..مقاولات أيضاً

بواسطة azzaman

الرسائل العلمية..مقاولات أيضاً

قاسم حسين صالح

 

أمضيت في التعليم العالي نصف قرن (صرت تدريسيا بكلية الاداب -جامعة بغداد عام 1975) وكنت في التسعينيات عضو لجنة رأي بوزارة التعليم العالي ، ومحاضر بمركز طرائق التدريس لأكثر من عشرين سنة ، وعضو في لجنة تقويم أداء الجامعات العراقية،ومشارك في مناقشة مئات اطاريح الدكتوراه ورسائل الماجستير،ودرّست في ست جامعات عراقية وأربع عربية..وكنت مقرر اول مؤتمر للتعليم العالي بعد 2003 في (ايلول  2024)  وفيه اقرت ستة اهداف من اصل ثمانية وضعتها انا ومعتمدة حاليا في الوزارة،وانتخبت في (2005) رئيسا لرابطة اساتذة جامعة بغداد،وقبلها حصلت في(2000) على تكريم وزارة التعليم العالي الخاص برعاية العلماء. ما يعني أنني امتلك خبرة تخولني ان (أفتي ) في الحال الذي وصلت اليه مناقشة أطاريح الدكتوراه ورسائل الماجستير في الجامعات العراقية، وان على المسئولين ان يستفيدوا من المقترحات التي نقدمها بما يعالج السلبيات..ويحسب لهم ايضا.

بداية مميزة

  يعود تاريخ التعليم العالي في العراق الى عام 1927 يوم تم فيه تأسيس كلية الطب التي اعتمدت نظام ومناهج الكلية الطبية الملكية البريطانية، وقبل في سنتها عشرون طالبا (7مسلمون ، 8 يهود ، و5 مسيحيون) . ومع ان عام 1924 شهد تأسيس اول جامعة عراقية باسم جامعة آل البيت ،لكنها تعرضت الى انتقادات شديدة من الصحافة والبرلمان وتناقص في عدد الطلبة المتقدمين وانتهى امرها في العام 1930. ولهذا يعد العام 1957 الذي تأسست فيه جامعة بغداد هو تاريخ تأسيس الجامعات في العراق. ويذكر ان اول رئيس لها هو الدكتور متي عقرواي ( مسيحي) ،وثاني رئيس لها هو الدكتور عبد الجبار عبد الله (صابئي)، الذي احتج رجال الدين على عبد الكريم قاسم قائلين له : كيف تعين صابئيا رئيسا لجامعة بغداد ،فاجابهم جوابا طريفا قائلا: انا عينته رئيس جامعة وليس رئيس جامع..والكثير يعرف ان عبد الجبار عبد الله كان أحد طلبة آينشتاين.

 وحين تأسست وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في العراق عام 1970، تم تعيين الدكتورة سعاد خليل اسماعيل اول وزيرة لها (اجريت معها لقاءا صحفيا لجريدة الجامعة التي اصدرها وزير التعليم العالي الدكتور منذر الشاوي،ببيتها في الصليخ عام 1989)،تلاها الدكتور هشام الشاوي..محمد صادق المشاط، منذر ابراهيم الشاوي، سامي المظفر..وكان معظم من تولى هذا المنصب يحملون شهادة الدكتوراه من جامعات عالمية رصينة،وخبرة غزيرة وبمرتبة (بروفيسور)،وخرجت اساتذة اسسوا كليات في بلدان عربية..الى ما بعد 2003 حيث كانت الأنتكاسة بتعيين من لا خبرة له بالتعليم العالي نبينهم السيد علي الأديب الذي اسديت له نصيحة في مقابلة معه بمكتبه بالوزارة:

(ان سيكولوجيا السلطة في العراق عودت المحيطين بالمسؤول ان يقولوا له ما يحب ان يسمعه،واخشى أن يكون المحيطون بك من هذا النوع وبينهم من هو حديث الخبرة..وعليه اقترح على جنابك تشكيل هيئة مستشارين بدرجة بروفيسور من الاختصاصات العلمية والانسانية على ان يكونوا مستقلين سياســـــيا)..ولم يأخذ بها فكان التراجع الكبير لمستوى الجامعات العراقية واقحامها في السياسة الطائفية..

شاهد على ذلك،انني دعيت لمناقشة اطروحة دكتوراه في الجامعة المستنصرية،وحين دخلتها لم اصدّق أنني ادخل جامعة بل جامعا! حيث اللافتات السود  من مدخلها الى أروقتها.. مكتوب عليها عبارات بعضها ما يبعث على الكراهية والتحريض الطائفي.. الى وزيرها الحالي ( الدكتور نعيم العبودي) الذي لا يمتلك مؤهلات وزير تعليم عالي وبحث علمي في بلد كالعراق متعدد القوميات والأديان والمذاهب والثقافات، فالرجل (الشاب) تلقى محاضرات ثقافية ودينية ونضالاً وجهاداً سياسياً صاغت فكره بآليات دوغماتية ومعتقدات طائفية.. فضلا عن انه يخضع لما يريده من رشّحه ومن يتولى قيادة الحركة التي ينتمي لها،وان كانت ضد ارادته.

نماذج من صيغ المقاولات

 لتوكيد ما ذهبنا اليه،فاننا استطلعنا رأي كنت اكاديميين ، اليكم نماذج من اجاباتهم:

· نعم مقاولات..اذا ما تعطي طالبي امتياز لن أعطي طالبك امتياز.

· مظهر اخر من مظاهر الفساد الأخلاقي عند شريحة كان المفروض ان تكون الأرقى.

· وضع كارثي.. يفتح الابواب امام  مضاعفات غير منهجية لمناقشين يجهل بعضهم الأصول العلمية وربما تضر ملاحظاته بالرسالة أوالاطروحة اكثر مما تنفعها.

· نعم..والتفاهم الضمني على التسامح في التقييم يتم مقدما.

· الإشراف لم يعد بتخصص دقيق يواءم موضوع الرسالة،وتنوع خبرات التدريسيين تقلصت.

· لم يحصل أن رفضت اطاريح ليصبح سياقا مقبولا.

· بعض التدريسيين ينعتون بالتشدد فيتخطاهم المشرف,

· القسم العلمي يريد يحافظ على عدم ظهور السلبيات  فيتجنب من يصفهم بالمتشددين من المناقشين.

· الامتياز يتم الاتفاق عليه قبل موعد المناقشة لقاء رشوة متعددة الاشكال والالوان.

والتساؤل:

هل يمكن معالجة (المقاولات) في تشكيل لجان مناقشة الرسائل العلمية في الجامعات العراقية؟

  اذا انطلقنا من حقيقة ما حصل للقيم الأصيلة في العراق بعد 2003 من تهرؤ وتخدير للضمير الأخلاقي والديني وشيوعها بين بسطاء وانتقالها بالعــــدوى الى المثقفين والأكاديميين، فأن المنطق يجيـبك بأنه لا يمكن ان تعود كما كانت، لكنه يحذرك بأن السكوت عنها يؤدي الى استفحالها ،وانه يمكن التخفيف من حدتها بمقترحات علمية ممكنة التطبيق..نوجزها بالآتي:

* قيام وزارة التعليم العالي بوضع معايير جديدة لاختيار اعضاء لجان مناقشة الرسائل العلمية ،من بينها:

- تشكيل لجنة تحدد اسماء لجنة المناقشة وليس المشرف ورئيس القسم فقط،

-   ان لا يزيد عدد مناقشة الأستاذ الجامعي في جامعته عن رسالتين علميتين في الشهر ،

- ان يكون جميع اعضاء لجنة  المناقشة متخصصين في الأختصاص الدقيق لموضوع الرسالة العلمية ،او الأختصاص العام في حالات الضرورة.

- احالة الرسائل العلمية(اطاريح دكتوراه ورسائل ماجستير) التي منحت تقدير (امتياز) الى ثلاثة خبراء بمرتبة بروفيسور ،وبنفس التخصص ، وحرمان من اعطى (امتياز) من اعضاء لجنة المناقشة من المشاركة في المناقشات العلمية لثلاثة اشهر.

 ولأنضاج هذه المقترحات ،فأننا نقترح على وزارة التعليم العالي اقامة ندوة يشارك فيها نخبة من اساتذة الجامعات وعدد من رؤساء الأقسام ،تخرج بتوصيات ترفع الى الوزارة لتصادق عليها  وتعميمها على الجامعات تكون ملزمة التطبيق..فبها نكون قد عالجنا ظاهرة مخجلة علميا واخلاقيا.

  مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية


مشاهدات 187
الكاتب قاسم حسين صالح
أضيف 2024/05/10 - 9:34 PM
آخر تحديث 2024/06/29 - 4:02 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 367 الشهر 11491 الكلي 9362028
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير