فاتح عبد السلام
قلت لصديق سوداني: هل تقاعس العرب عن إيقاف هذه الحرب العبثية في بلدكم؟
قال: لا نريد منهم شيئاً سوى كف أذاهم عن وجودنا وهمومنا، انّ بعضهم يلعب نفس اللعبة التي زاولوها ذات يوم في سوريا، والعراق، وليبيا، ولبنان.
كلمات هذا السوداني كانت ذات نبرة عميقة الدلالة، فهو يتحدث عن جرح نازف أمام عيون الملايين من العرب من دون أن يتحرك أحد لايقافه.
تبدو الجامعة العربية رهينة مواقف وضغوطات معروفة من دون أي حراك فاعل، وقد غطت أزمات وحروب أخرى أكبر على ما يجري في السودان من قتال منذ عشرة اشهر، كما هي حرب إسرائيل على غزة، ولا توجد اية علامة على انفراج قريب.
آخر تقرير دولي مرعب عن الوضع المعيشي في السودان الذي كان لسنوات طويلة يوصف بسلة العرب او مزرعته المنتجة وذات الاسهام القوي في الأمن الغذائي العربي، اذ قال مدير برنامج الأغذية العالمي في السودان إيدي رو لصحافيين في بروكسل «في هذه المرحلة، أقلّ من 5 % من السودانيين يستطيعون تأمين وجبة كاملة في اليوم”.
أين أنتم ذاهبون يا عرب؟ أيها الأثرياء، هل تظنون انّ سيولة الأموال في ايديكم وبنوككم سوف تصرف عنكم أزمات تعصف بدول عربية اليوم بعد أن باتت لا حول لها ولا قوة، مشلولة الاقتصاد تحت نيران الحروب؟
هناك مسؤولية أخلاقية كبيرة للعرب إزاء السودان لا يمكن غض النظر عنها وتجاهلها وتسويفها، إذ من العار على العرب من دون استثناء أن يجعلوا هذه الحرب بنداً في لائحة تصفياتهم الثنائية او الثلاثية ومعاركهم السرية، أو ربّما الشخصية، ومن ثمّ يحولونها الى حرب منسية تأكل الأخضر واليابس في هذا البلد الذي يبدو بوضوح انه موضوع على مشرحة تقسيم جديد، في النفوذ والجغرافيا والثروات.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية