فاتح عبد السلام
الاجتماعات العراقية التركية العليا تمهد لزيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى بغداد، وهي زيارة نوعية في جميع المقاييس، اذ طالما مرّ الرئيس التركي من جانب العراق ذهابا وإيابا في رحلاته الى دول خليجية من دون ان تتحقق أسباب زيارة العراق . واليوم تجمعت ملفات كثيرة لابد من التدقيق فيها والخروج عبرها باتفاقيات تضمن للبلدين حقوقهما في الأمن والمياه والمشروع الاستراتيجي المقبل طريق التنمية الذي يشكل العراق أساس قيامه ومن دون مشاركته لا وجود للمشروع، وهذه أولى نقاط القوة التي تسجل للعراق قبل ان يباشر في المشروع الذي تتعلق به آمال دول في الإقليم لضمان خطوط جديدة للتجارة العالمية والإقليمية.
الجغرافيا العراقية، في هذا الموقع الحيوي الذي يربط تركيا بالخليج العرابي برا، هي خاصية ذات منافع ثلاثية، الأولى هي الخاصية الأمنية عبر الموقع الجغرافي العراقي، اذ تجري الاستعدادات لعقد اتفاقية استراتيجية بين العراق وتركيا تشبه الى حد معين الاتفاقية الاطارية بين العراق والولايات المتحدة، وتشكل المسألة الأمنية أولوية قصوى لدى تركيا وهي لا تكتمل الا من خلال دعم عراقي، ذلك انّ البلدين اللذين يتحرك على اراضيهما حزب العمال الكردستاني المحظور هما العراق وسوريا.
والمنفعة الثانية تجارية، عبر مشروع التنمية الاستراتيجية الذي يكون العراق فيه رقما صعبا، ولابدّ أن يستعد العراق لبناء شبكة مصالح تجارية على طول هذا الخط تخص تشغيل اليد العاملة العراقية وتقليص البطالة.
امّا ملف المياه الذي يبدو العراق طرفا اقل أهمية من سواه في الوهلة الأولى ذلك ان منابع دجلة والفرات في تركيا، فأنّ التغيرات المناخية تجعل تركيا مجبرة على التعاطي الإيجابي مع تصريف كميات هائلة زائدة عن الحاجة من مياه مواسم الفيضان والسيول الى العراق من دون الحاجة الى مفاوضات.
في كل الأحوال هناك ضرورات منطقية لعقد اتفاقية كبيرة مع تركيا من اجل الدفع بالفوائد لصالح العراق الذي يحتاج أيضا الى خبرات الشركات التركية في بناء الصناعات والتنمية الذاتية، ونتمنى ان تكون هناك خطة حكومية في بغداد لجعل التعاون التركي العراقي ورقة للاستقرار وتحسين فرص العمل والاستثمار والتجارة الدولية.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية