هل أتاك حديث ثوبان؟
حسين الصدر
-1-
كان ( ثوبان ) شديد الحُبّ للرسول (ص) وقد قال له يوما :
« بأبي أنتَ وأمي ،
متى تقوم الساعة ؟ «
سؤال يكشف عن رغبة شديدة في القدوم على الله والوقوف بين يديه بوجه أبيض ، وبأعمال صالحة ناصعة مُنْجِيةٍ في يوم الحساب، الأمر الذي يُفضي به الى الفوز بالجنة .
وهذا السؤال يخطر ببال الكثيرين في كل زمان ومكان ، فالهواجِسُ والمشاعرٌ الايمانيةٌ تكاد تكون واحدة وانْ تباعدت الديار ، واختلفت الألوان واللغات والبلدان، فماذا كان الجواب ؟
لقد رد الرسول (ص) على السؤال بسؤال ، فسأل ثوبان «
« ما أعددتَ لها اذ تسأل عنها « ؟
قال ثوبان :
يا رسول الله :
ما أعددتُ لها كثيرَ عملٍ الاّ أنّي أحُبُّ الله ورسولَهُ، ثم أفاض في تبيان حبه للرسول (ص) ولأَهل بيته وأصحابه
فقال النبي (ص) :
« أُبشرْ فانّ المرء يوم القيامة مَعَ مَنْ أَحَبّ «
-2-
المرء مع من أحبّ إضاءة نبوية عظيمة الدلالة على أهمية الولاء وصدق المحبة لله والرسول (ص) ولأهل بيته الطيبين الطاهرين .
فالمحب الصادق لن يسير الاّ في طريق خالٍ من الشوائب ، بعيد عن كل ما يغضب الله والرسول واولياءه عليه .
الطاعة والاستقامة هما اللتان تمنحان الانسان شرفَ الكون مع الرسول واهل بيته .
أما الذين باعوا دينهم بدنيا غيرهم من الطواغيت ورموز الظلم والانحراف فلن يكونوا الاّ معهم في الآخرة كما اختاروا ان يكونوا معهم في الدنيا .
-3 –
ومن المفيد ان ننقل لكم ما ورد في التاريخ من أنَّ ( ثوبان ) جاء الى الرسول (ص) ذات يوم، وكان متغيرَ اللونِ وناحلَ الجِسمِ، فسأله الرسول (ص) قائلا :
يا ثوبان :
ما غيّرَ لونك ؟
فقال :
يا رسولَ الله ما بي مِنْ مرضٍ ولا وجع ، غيرَ أنّي اذا لم أَرَكَ اشتقتُ اليك حتى ألقاك ،
ثم ذكرتُ الاخرةَ فأخاف انْ لا أراك هناك ، لأنْي عرفتُ أنّك ترفع مع النبيين،
وانّي ان دخلتُ الجنة كنت في منزلةٍ أدنى مِنْ منزلتك ،
وانْ لم ادخل الجنة فلا احسب ان اراك ابدا ، فنزل قوله تعالى :
( ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً )
النساء/69
-4-
انّ ثوبان كان مولى للرسول (ص) فاعتنقه وقال له :
إنّ شئت إنْ نلحق بمن انت منهم ( وكان من اليمن )، وإنْ شئتَ انْ تكون منا اهل البيت .
فثبتَ على ولائه ، ولازم الرسول (ص) سَفَراً وحَضَرَاً حتى رحيل الرسول (ص) .
-5-
والمهم :
انّ ثوبان لم يكن يفكر كثيراً في قضاياه الدنيوية فقط ، بل كثير التذكر ليوم الحساب ،وغاية أمانيه ان يحشر مع الرسول (ص) وأهل بيته الأطياب في منحى بالغ الدلالة على عمق الخوف من الله والحب لرسوله واهل بيته.
والسؤال الان :
مَنْ منّا يُشبه ( ثُوبان ) في همومه ؟
ولماذا تستأثر الدنيا بكل أوقاتنا وتشغلنا عن التفكير بالآخرة ؟
Husseinalsadr2011@yahoo.com