الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ثقافة الأطفال في ذكرى تأسيسها

بواسطة azzaman

ثقافة الأطفال في ذكرى تأسيسها

علي الدليمي

 

تحتفل دار ثقافة الأطفال، المؤسسة الرائدة في المشهد الثقافي العراقي، بذكرى تأسيسها، وهي ذكرى تبعث على الفخر بماضيها لكنها تستدعي في الوقت ذاته وقفة جادة لدعم حاضرها ومستقبلها. فقد شكّلت الدار، منذ انطلاقها، حجر الزاوية في بناء وعي وثقافة الطفل العراقي، إلا أنها اليوم أحوج ما تكون إلى الدعم المالي لضمان استمراريتها وفاعليتها في مواجهة تحديات العصر.

تعود البدايات المضيئة للدار إلى الرابع والعشرين من كانون الاول / ديسمبر عام 1969، حين أصدرت عن وزارة الإعلام العدد الأسبوعي الأول من مجلتها الرائدة (مجلتي). وقد استهدفت «مجلتي» ثقافة الطفل والموجهة إليهم في عمر مبكر وصولاً إلى السابعة عشر. لم تكد تمضي سنة على هذا الإنجاز حتى شهدت أواخر عام 1970 ميلاد مطبوعة أخرى لا تقل أهمية، وهي جريدة (المزمار) الأسبوعية، التي كانت موجهة للفتيان حتى عمر السادس عشر، قبل أن تتحول لاحقاً إلى مجلة.

لقد تحولت كل من «مجلتي» و»المزمار» إلى أهم المطبوعات الرائدة في أدب وثقافة الأطفال، ليس في العراق فحسب، بل على مستوى المنطقة. ولم يقتصر اهتمامهما على المحتوى الأدبي فحسب، بل كانتا رائدتين في الجانب البصري، حيث كانتا تنشران باستمرار قصصاً مصورة (كوميكس) مؤلفة ومرسومة بالكامل بأيدي فنانين وكتاب عراقيين. هذا الاهتمام البصري ساهم في تشكيل الذائقة الفنية والثقافية لأجيال متعاقبة.فضلاً عن هذه المجلات الدورية، عززت الدار إنتاجها الثقافي عبر إصدار سلاسل قصصية «مستقلة» تحت عنوان (حكايات مجلتي والمزمار)، مما أسهم في إثراء المكتبة العراقية بقصص نوعية موجهة للطفل.

والجدير بالذكر أن الأثر العميق لهذه الدار يتجاوز المطبوعات ليصل إلى صناعة الكوادر الإبداعية؛ فالعديد من المبدعين العراقيين المعروفين على نطاق واسع في مجالات الرسم، والأدب، والشعر، هم في الأصل ممن تخرجوا من عباءة هذه المدرسة الشامخة، مستفيدين من منصاتها الإعلامية والثقافية كأرض خصبة لانطلاق مسيرتهم الفنية والأدبية.

واليوم، بينما تستذكر الدار تاريخها الحافل بالإنجازات، فإنها تقف أمام مفترق طرق يتطلب تدخلاً عاجلاً. إن الحاجة إلى دعم مالي إضافي باتت ضرورية للحفاظ على هذا التراث الثقافي الغني، وتطويره ليواكب التغيرات التكنولوجية والمعرفية الحديثة، واستمراره في مهمته النبيلة وهي إعداد جيل مُثقَّف قادر على بناء مستقبل الوطن. فمن دون الدعم الكافي، قد تواجه هذه المؤسسة العريقة تحديات تهدد استمرار إصداراتها ونشاطاتها الموجهة للأطفال والفتيان.

 

 


مشاهدات 46
الكاتب علي الدليمي
أضيف 2025/12/30 - 11:07 PM
آخر تحديث 2025/12/31 - 12:36 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 29 الشهر 22967 الكلي 13006872
الوقت الآن
الأربعاء 2025/12/31 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير