الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
العراق والمخاض العسير

بواسطة azzaman

العراق والمخاض العسير

رافع عبد الجبار القبطان

 

بعد كل النقاش الذي يحدث هذه الأيام نرى عدم وجود صورة واضحة للمشهد السياسي العراقي، بل الأصح ان الجميع يصر على عدم الدخول في دائرة الصراع الموجود بالمنطقة، ولأسباب كثيرة، منهم من لا يريد أن يدخل في دائرة الصراع، ومنهم من لا يريد أن يحسب على طرف، ومنهم من قرر الجلوس على التل وانتظار النتائج، ومنهم من لا زالت له الصورة ضبابية غير قادر على تشخيص الخلل، ودون أن يفكر أيٍ من هؤلاء المكاشفة، حيث تتطلب المصلحة ومستقبل العراق ذلك.

مشهد سياسي

ومن باب مهمة النخب هو تحليل المشهد السياسي وتشخيص الخلل واعطاء الحلول للخروج من الأزمة التي لم يبن للآن حجم ما سيكون تأثيرها على العراق، انطلق لتكون أولى خطوات هذه المهمة وبصراحة تامة غايتها الأولى والأخيرة هي مستقبل العراق.  نرى ان هناك ارباك في التعامل مع ملف المتغيرات الدولية القادمة في المنطقة وعدم وجود وحدة موقف، بل ما يزيد الأمر تعقيداً هو عدم المصارحة مع النفس أولاً، ومع الشعب ثانياً، بأن العراق ليس طرفاً بالصراع الحاصل بين ايران وامريكا، بل طرف ثانوي لامتدادات العلاقات المرتبطة بايران، الصراع بين الغرب ومشروعه الإبراهيمي الضاغط وباندفاع اسرائيلي حيث يجد الفرصة المواتية والتي لم تسنح له منذ اكثر من سبعين عام لتحقيق دولته الكبرى، وبين ايران ومشروع الدولة الواعدة بدءً برغبتها بامتلاك السلاح النووي لتدخل نادي الدول الكبرى.

في خضم هذا الصراع يجد العراق نفسه وسط هذه الزوبعة، والذي يزيد المشهد تعقيداً عدم وحدة الموقف العراقي للأطياف السياسية المتصدية للعمل السياسي، حيث الشيعة وامتداداتهم العقائدية مع ايران، والسنة والكرد وعدم تفاعلهم بل يتمنون الابتعاد عن ايران  وانهاء هذه العلاقة بأي صورة كانت ولو بالاستعانة بالأجنبي، ولكل منهم دوافعه الخاصة، وسط هذا المشهد المعقد يأتي فاعل ضاغط أكثر، وهو وصول ترامب للسلطة وبكل وقاحته وما يملكه من اصرار على تغيير مشهد المنطقة اتجاه المشروع الابراهيمي بأي ثمن كان، والأكثر تعقيداً نجد ازدياد المشهد العراقي تعقيداً وضبابية هو عدم وجود الرؤية لدى الفاعل السياسي العراقي في كيفية التعامل مع هذا المشهد المتصاعد.غياب هذه الرؤية السياسية لدى الفاعل السياسي العراقي واهتمامه المحموم بتشكيل الحكومة والمكاسب التي يأخذها هذا الطرف أو ذاك دون أن يأبه لكل ما يحدث، يدلل على عدم وجود نضج سياسي لاستيعاب حجم الأزمة التي تمر بها المنطقة والعراق بالذات، لتنأى به عنها، خاصة وحيث لا يمتلك العراق مقومات الدولة القادرة على الدخول في هذا الصراع كما تفعل ايران -وفعلت- بما اثبتته في «حرب ال12 يوم» من تحدي ومواجهة ندية غير متوقعة لاسرائيل وما تمثله من قوة الغرب كله اجتمع خلفها.

مهمة العراق أن ينأى بنفسه عن هذا الصراع، وأن لا يكون ساحة صراع إيراني امريكي خاصة وان ايران ترى ان تحسين علاقة بين امريكا والعراق سيخفف الضغط عليها رغم ما يمثله العراق لها من عمق سياسي اقتصادي عقائدي، إلا انها تريد أن تخفف حدة التحدي والمواجهة لتفتح باباً للحوار مع الغرب في كل الملفات العالقة وبالذات النووي والصواريخ البالستية.

هدف رئيسي

لكن السؤال الذي يبقي الجواب عليه مفتوحاً، هو: هل ان أمريكا ستترك العراق يرسم شكل نظامه السياسي كما يريد حتى لو لم تكن له علاقة بايران؟ أم سيظل هدفاً رئيسياً لها حتى تدخله في المشروع الإبراهيمي باعتبار انها ترى ان هذا النظام صنيعتها، وبما يمثله العراق من موقع جيوسياسي اقتصادي له امتداداته وتأثيراته على كل دول المنطقة؟ الجواب يحتاج رجال يفكرون بعقلية رجل الدولة لا رجل السلطة.

 

 


مشاهدات 55
الكاتب رافع عبد الجبار القبطان
أضيف 2025/12/25 - 1:23 AM
آخر تحديث 2025/12/25 - 3:18 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 139 الشهر 18419 الكلي 13002324
الوقت الآن
الخميس 2025/12/25 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير