الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
 منح قلادة التميّز المعرفي إلى مؤلف القديس والقيصر

بواسطة azzaman

علماء السياسة يحتفون  بعلي عباس مراد 

  منح قلادة التميّز المعرفي إلى مؤلف القديس والقيصر

بغداد - الزمان

احتفت الاوساط الاكاديمية العراقية باحد خبراء العلوم السياسية البارزين من خلال منحه قلادة التميز المعرفي التي خصصت هذا العام الى الاستاذ الدكتور علي عباس مراد احد ابرز علماء العلوم السياسية من الجيل التالي لصادق الاسود وعبد الرضا الطحان وكاظم هاشم النعمة ووميض عمر نظمي.

وكشف عميد اسرة بحر العلوم الوزير والبرلمان الاسبق الدكتور ابراهيم بحر العلوم عن ان مرادا حصل  على القلادة بوصفه (عالما رسخ قيم البحث الرصينة وفتح امام طلبته افاق الفكر والنقد واسهم بعطائه المستمر في بناء وعي وطني ناضج)، واستهل بحر العلوم حفل تقليد مراد بكلمة اًشاد فيها بالانسان والاستاذ والباحث علي عباس مراد، متوقفا عند محطتين الاولى فلسفة التكريم والثانية السيرة الذاتية الغنية للمكرم .

وكانت القلادة شملت مهندسين وشعراء وعلماء اجتماع وشخصيات علمية مرموقة وجاءت، بحسب بحر العلوم، لخدمة (العلم وتعزيز الابداع وخدمة الوطن والانسان).

واستذكر زملاء المكرم، رحلة مرافقته في مناحي العلم والمعرفة وبداية تعارفهم او لقائهم به وذلك خلال جلسة ادارها بكفاءة الدكتور قاسم الجنابي . وقال الدكتور عامر حسن فياض الذي ترعرع مع مراد في محلة سوق حمادة بالكرخ، ونشأ معه في المدرسة والجامعة ورافقه في رحلة الاغتراب الى ليبيا منتصف التسعينات من القرن الماضي:

عيون الفرح

عرفته انسانا طيبا وتدريسيا وعقلا متوهجا ليصبح صديق العمر الذي تمنيت ان اقرا في عيونه الفرح والحزن وفي اذنيه حسن الاصغاء. نعم عرفته انسانا دافئاً كنيران المعابد وشجاعاً في علمه ومتانقاً في تخصصه وشرساً في مناهضة الباطل وجباناً في مخاصة الحق.

وبعد ذلك عرفته انساناً طيباً وتدريسياً ناجحاً وعقلاً متوهجاً ليصبح صديق العمر الذي تمكنت أنْ أقرأ في عيونه الفرح والحزن وفي أذنيه حسن الإصغاء. نعم عرفته يحب الصدق ويتكلم بصدق ويتألم بصدق ويضحك بصدق ... يكره الرجل عندما يكون بعض رجل ويحترم المرأة حتى لو كانت بعض أمرأة.

إنه إنسان تيمم بتراب الوطن وتعّود السجود له فمن يقبل مواطنية علي عباس مراد يثبت وطنيته ومن لا يقبلها يثبت وطنية علي عباس مراد.

أما محاضراته كتدريسي فأنها تنفخ في أذان طلبة الجامعة وتفتح شهية عقول سامعيه لتضمد جراحات الأدمغة المستجيبة للشفاء والمتعطشة للعقلنة، فهو الذي يدخل في تفاصيل الفكر السياسي استقرائياً مرة  وينطلق من كل الفكر السياسي استنباطياً مرة أخرى. ولأن المنطق يجانب من يسأل العطشى لمَ يبحثون عن الماء، فليس من المنطقي أن يُسأل لماذا علي عباس مراد متعطش للقراءة والكتابة. وهو العقل النقي كالدمع والمنعش كليالي الصيف يتمرغ بالكتب باحثاً عن ذرة تراب معرفة يعربد ويعبث ويتعثر بها ثم يستنبتها ويسقيها لتتجذر وتنمو وتزدهر لتصبح بحثاً أو كتاباً يحتضن أفكاراً هي كالفل والياسمين والجلنار في حدائق العلم والمعرفة السياسية).

واضاف فياض (رايته دوماً تنبش في رأسه الأفكار ومرفأ أفكاره عقله والأخير لم يكن خزان يحفظ بل معمل ينتج ومواده الأولية يجلبها من حقول الفلسفة والجغرافيا والاجتماع والاقتصاد تتفاعل لتنتج فكراً سياسياً بعلامات فارقة مسجلة لـمراد الذي كان وسيكون كما عهدته غيمة في قيض العلم وبسمة في هموم العلم والمعرفة).

فيما استعاد الدكتور سعدي كريم سلمان مراحل الدراسة الجامعية التي جمعته بمراد وقال:

(بعد ان انهيت مرحلة البكالوريوس، التحقت بالخدمة العسكرية. ثم تم قبولي في الدراسات العليا لمرحلة الماجستير عام 1978، ومن هنا بدأت علاقتي به تنتقل من مرحلة المعرفة الشخصية الى مرحلة الصداقة والاخوة, حيث كنا نلتقي بشكل دائم ومستمر،ونقضي وقتاً في اروقة كلية القانون والسياسية بجامعة بغداد، او

في المكتبة الوطنية حيث نقضي جل وقتنا فيها، نتسابق منذ الصبح الباكر لحجز مكان لنا في معتكفات المكتبة التي نبقى فيها في كثير من الاحيان منذ الصباح وحتى اغلاق ابواب المكتبة عند الساعة الثامنة مساءاً. وفي السنة التحضيرية لدراسة الماجستير كنا مجموعة مميزة ,نثير الكثير من الجدل والنقاش اثناء المحاضرات وكان الدكتور علي من بين الجميع متميزاً في نقاشاته واحياناً يحتدم الجدل بين زملاء الدراسة، اخص منهم، الدكتور علي محمد سعيد، والاستاذ افرام شبرا، والدكتور عبد اللطيف المياحي رحمه الله والدكتور عزيز جبر شيال، وكان ذلك يسعد اساتذتنا كثيراً.

 ومن بين الاساتذة الدين تولوا تدريسنا في مرحلة الماجستير علاوة عن الدين ورد ذكرهم في مرحلة البكالوريوس الدكتور حامد ربيع، والدكتور محمد محمود ربيع والدكتور طلعت الشيباني والدكتور غسان العطية الذي كان حينها مدير مركز الدراسات الفلسطينية) .

واضاف (في هذه المرحلة تعمقت علاقتي بأخي علي وما اتذكره في ذلك الوقت كنا نذهب في كثير من الأحيان سيراً على الاقدام من الباب المعظم الى الباب الشرقي مروراً بمكتبات شارع المتنبي ثم نجلس في المقهى البرازيلي وبعدها نذهب الى مكتبات الباب الشرقي للبحث عن الجديد من الكتب في الفكر السياسي مثل مكتبة النهضة العربية لصاحبها حسن واخوه علي ومكتبة العالمية لصاحبها ابو ايمان والتي نشتري الكتب منها بالأقساط الشهرية . واضاف سلمان(في منتصف الثمانينات من القرن الماضي تم قبولنا في مرحلة الدكتوراه، ولم نكن في دوره واحده في السنة التحضيرية، ولكن لحسن الحظ أصبحنا انا والدكتور علي عباس والدكتور عامر حسن فياض ضمن اشراف استاذنا الكبير الدكتور عبد الرضا الطعان اطال الله في عمره.

تواصل الدعم

وهكذا زاد التواصل الدائم بيننا نحن الثلاثة ولقائنا المستمر مع استاذنا المشرف وفي هذه المرحلة كنا نلتقي بشكل مستمر خلال ايام الاسبوع نتبادل الآراء والأفكار في اطروحتنا العلمية. وكأننا اخوة فعلا ووالدنا الدكتور عبد الرضا الطعان جزاه الله عنا خير الجزاء).

وختم سلمان كلمته بالقول:  (هذه مسيرتي الدراسية مع الأستاذ الدكتور علي عباس مراد، وما أود أن أذكره في هذا الجانب أنَّ علاقتنا نحن الثلاثة كانت متميزة , مع جل الأحترام لأساتذتنا الكرام، ففي هذه المرحلة من دراسة الدكتوراه كنا نخرج في بعض الاحيان مع بعض اساتذتنا لتناول الغداء في احد المطاعم الشعبية في شارع السعدون مع الدكتور مازن الرمضاني، واحياناً كثيره كنا نتعشى في بيت الدكتور عبد الرضا الطعان. بعد تسليمنا له فصول اطروحة الدكتوراه وكذلك الحال مع استاذنا المرحوم الدكتور وميض عمر نظمي الذي كثيراً ما كنا نزوره في بيته ونجلس معه في مكتبته نقلب كتبه ونتناقش معه في مختلف الموضوعات السياسية والفكرية, واستمرت علاقتنا معه سنين طويلة الى ان داهمه المرض، فأكثرنا من زيارتنا له والتي كان يسعد بها. واتذكر يوم وفاته اتصلت زوجته الكريمة بالدكتور علي عباس لتبلغه نبأ وفاته وسارعنا الى داره وشاركنا في تشييعه الى مثواه الأخير).

وقال (ولعلي اذكر انتماءنا نحن الثلاثة الى الجمعية العراقية للعلوم السياسية التي كانت في بداية تأسيسها برئاسة الدكتور وميض عمر نظمي حيث شارك الدكتور علي عباس والدكتور عامر حسن فياض في مؤتمرها التأسيسي الاول الذي انعقد في قبرص ثم حضرنا مؤتمراتها العديدة منها:

مؤتمر القاهرة, ومؤتمر الاردن، ومؤتمر بغداد. وقد قدم كلاً من الدكتور علي عباس والدكتور عامر حسن فياض بحوثاً ودراسات في تلك المؤتمرات للجمعية ولهم بحوثاً منشورة في مجلتها، المجلة العربية للعلوم السياسية.

وفي مرحلة التسعينات من القرن الماضي سافر الدكتور على عباس مراد الى ليبيا للتدريس في جامعة بنغازي، وظلّ فيها لغاية عام 2005. حيث عاد للعمل في كلية العلوم السياسية جامعة بغداد والتي تولى فيها منصب معاون العميد للدراسات العليا، علاوة عن تدريسه لمرحلة الماجستير والدكتوراه لسنوات عديدة, كما اشرف

على عدد من رسائل الماجستير واطاريح الدكتوراه . وفي نفس الوقت شارك في التدريس لدورات عديدة في كلية الدفاع الوطني، وأشرف على بعض رسائل طلابها لحين احالته الى التقاعد عام 2015 بناء على طلبه.

وتحت عنوان (كلمات في ذكريات جميلة) ألقيت كلمة الدكتور كريم محسن الجاف بالانابة لسفره الى خارج العراق. وقال فيها(لقد كان لي الشرف أن أتعرف على الدكتور علي عباس مراد معرفة شخصية عام 1990 حين أتم أطروحته في الدكتوراه وكانت في فلسفة السياسة عند الفيلسوف ابن سينا؛ وذلك في شارع المتنبي عندما كنت طالبا في قسم الفلسفة كلية الآداب جامعة بغداد، وقد أعجبت بشدة بشخصيته العلمية التي تتسم بالفرادة، والتواضع عند اثارتي الاسئلة التي تتعلق بالفلسفة السياسية, والعلاقات الدولية، وأتذكر كيف منحني على سبيل الاستعارة كتاب المفكر الاستراتيجي ومستشار الامن القومي الامريكي زبيغنيو بريجنسكي الموسوم خطة للعب التي نشرت ترجمته العربية في أحدى الصحف الكويتية، فقد كان كريماً في منح وقته، فضلاً عن المصادر العلمية التي تتوافر لديه لأجل تشكيل وعي أكاديمي رصين).

لحضة حزينة

واضاف الجاف (وفي عام 1993 يغادر الدكتور علي عباس مراد إلى ليبيا؛ وذلك بعد أن ودعنا في شارع المتنبي، وقد كانت لحظة حزينة بالنسبة لي، إذ كان لقاء الجمعة في شارع المتنبي من اللحظات الرائعة ولاسيما بعد أن عرّفني على أساطين الفكر السياسي في العراق من قبيل: الدكتور عامر حسن قياض, والدكتور عبد الرضا الطعان، والدكتور كاظم هاشم النعمة, والدكتور ناظم الجاسور رحمه الله الذين يعدون من خيرة الأكاديميين العراقيين في الفكر السياسي والاستراتيجي من ناحية العلم، والأخلاق والتواضع الذي لا مثيل له. وفي عام 2006 يعود الدكتور علي عباس مراد إلى وطنه بعد أن اغترب أستاذاً يدرس فلسفة السياسة التي تخصص بها أكاديمياً في عديد من الدول العربية، ويعاود التدريس في كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد ليكون ضمن الهيئة التدريسية استاذاً ومشرفاً، ومفكراً يؤلف الكتب في دائرة الفلسفة السياسية، وبعد مدة يصبح معاون العميد للشؤون العلمية والدراسات العليا، وفي مدة مسؤوليته أصبحت زميلاً له حين انتدبني وعرض عليّ التدريس في الدراسات العليا/ مرحلة الدكتوراه؛ وذلك من أجل تطوير مفردات مواد الدراسات العليا في كلية العلوم السياسية التي يعود الفضل للدكتور علي عباس مراد الذي ابتكر فكرة ادخال الفلسفة السياسية الغربية ما بعد الحداثية التي كانت مهمة جداً في تطوير وعي طالب الدراسات العليا في اقسام الفكر السياسي، وقد نجحت الفكرة وبدأ طلاب الدراسات العليا يختارون موضوعات تنسجم وتوجهات الفكر الغربي ما بعد الحداثي، وإشكالياته الراهنة(.

وبعد ذلك انهالت كلمات الاشادة والاعجاب بمراد بوصف عالما وانسانا ومبدعا ترك بصمة في حقل اكاديمي من اشدها اهمية واهتماماً .

 ثم جرت مراسيم تقليد مراد قلادة التميز المعرفي، وسط تصفيق حاد وتحيات الى صاحب المبادرة التي وصفت بالرائدة وبرسالة التقدير والامتنان لمن قدموا جهودا بحثية وفكرية متميزة.

جدير بالذكر ان عشرات المؤلفات تختضنها المكتبة العراقية والعربية من نتاج فكر مراد ابرزها كتاب جدلية الدين والسياسة في الفلسفة الاسلامية دولة الشرعية عند ابن سينا وكتاب الهندسة الاجتماعية وكتاب القدس والقيصر – الفكر السياسي في المسيحية من عصر التبشير الى عصر الاصلاح وهذا الاخير امتدحه رجل دين مسيحي اعتلى منصة الاحتفال، وقال (ان مرادا تميزا بانصاف المسيحية والاهتمام الى الضمير العلمي والواجب الوطني).

 


مشاهدات 47
أضيف 2025/12/13 - 1:25 AM
آخر تحديث 2025/12/13 - 4:14 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 150 الشهر 9193 الكلي 12793098
الوقت الآن
السبت 2025/12/13 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير