الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تلوّث ذهني

بواسطة azzaman

تلوّث ذهني

علي حجارة

 

فجرًا ... وقبل انتشار أولى خيوط الشمس من الممكن وأنت تبصر من مكانٍ مرتفع ( سطح منزلك مثلًا ) أن ترى كتلة سميكة من الدخان والملوثات مختلفة اللون تتسلق سماء بغداد كجسمٍ غريب يجثم على كل شيء؛ أما إن نظرت أسفل حاسوبك داخل شريط نظام الوندوز فسترى مقياسًا لجودة الهواء في مدينــــتك والذي لن يقدم ( إن كنت تسكن بغداد )  سوى عبارة « جودة الهواء رديئة «، وبعد كل هذا فليس من المستغرب أن  تتصدر العاصمة العراقية العواصم العالمية بكونها الأكثر تلوثًا، والمدينة التي لايصلح هواؤها للتنفس، وفق الوكالة العالمية المعنية بمؤشرات قياس الهواء، إذ وفق خريطة هذه الوكالة وللأسف الشديد، نلاحظ انتشار مصادر التلوث في جميع أنحاء العاصمة، دون أن تخلو أي منطقة من الملوثات. ويعود ذلك بشكل كبير إلى سوء التخطيط الحضري والصناعي، حيث تنتشر الصناعات الملوثة ومواقع طمر النفايات عشوائياً في أرجاء المدينة، عدا مصانع الطابوق، ومحطات توليد الطاقة الكهربائية، وتزايد أعداد السيارات وما تنفثه من عوادمها.... حسنًا الموضوع هنا مؤشر وواضح لأن هناك وكالة رصدت تلوث الهواء في العاصمة العراقية، لكننا هنا نتساءل .. ماذا عن الملوثات الأخرى التي لايتم رصدها ولاتتصدر المشهد؟ .. أننتظر من العاصمة أن تصبح الأولى في تلوث المياه كي نضع الموقف تحت ضوء المُعاينة والرصد، أم ننتظر من وكالة أجنبية أن تخبرنا بأن الملوثات السمعية والبصرية قد وصلت حدًا يتعارض مع السلامة الذهنية لساكني بغداد؟ .. الواقع حقًا يُثبت لنا يومًا بعد آخر أن آخر ما يمكن أن يشغل بال المسؤولين عن كل ما سبق هو إيجاد الحلول التي تقف حائلًا دون وصول مستويات التلوث بمختلف أشكالها إلى هذه الحدود... بل من المعيب أننا سندخل سنة 2026م  وصرفنا الصحي وما يُنتج من مخلفات المستشفيات يتدفق إلى نهر العاصمة إلى اللحظة دون حلول بديلة، كما من المعيب أننا لازلنا نعد وجود المعامل التي تنشر ثاني أوكسيد الكاربون داخل العاصمة أمرًا طبيعيًا وحدث ولاحرج في انتشار المولدات بين الأحياء ...

هنا .. أعتقد جازمًا أننا يجب أن نعالج التلوث الذي أصاب مفاهيم الكثير من قاطني العاصمة، بل يجب أن تنتشر ثقافة معاينة الصحة الذهنية وعلاجها إن وُجد خللٌ ما أولاً، قبل أي محاولة لدرء مخاطر تتعلق بالبيئة والأمان الصحي، لأن مصادر كل تلوث هو ثقافة عامة أغلب سماتها هو اللا مبالاة المفرطة والإيمـــان بـــــــأن الأمور (خربانة) وإلا فلمَ التهاون في مسائل كهذه؟.

 

 


مشاهدات 36
الكاتب علي حجارة
أضيف 2025/12/08 - 12:58 AM
آخر تحديث 2025/12/08 - 12:08 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 378 الشهر 5708 الكلي 12789613
الوقت الآن
الإثنين 2025/12/8 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير