حلم
هدى جاسم
تسارعت الاحداث وهي تهرول نحو اهدافها التي كانت تعتقد انها ستصل الى قمة السعادة في نهاية الطريق ، رسمت لنفسها بيتا من بلور تحفه اشجار وارفة الظلال ونهر يمضي بها بشكل يومي الى حلم طفولة لم تحققه ، قررت ان تسرع الخطى فاحلامها كثيرة وهي لا تضمن سنوات عمرها ان كانت ستطول او انها قصيرة كما سنوات عمر العديد من اهلها الذين غادروا وهم لم يلمسوا حلما واحدا متحقق .
كانت تصارع المرض وتنتصر عليه في الكثير من الاحيان بيقين ان الله معها وسيمنحها فرصة الحلم وان كان قصير ، تسارعت خطواتها عندما تذهب لزيارة من رحلوا عند مثواهم الاخير تفتح الكثير من الحكايات معهم وتقص عليهم مافاتهم من احداث كيف كبر الصغار وصار لهم ابناء واحفاد ، بينهم من اخفق لكنه نهض من جديد وان صورهم مازالت معلقة على كل الجدران التي غادروها بلا موعد ، ترى مالذي جعلهم يتركون احلامهم غير ان القدر سبق الحلم ؟ كانت تعلم وهي تروي لهم حكاياتهم التي يأملون سماعها انهم بانتظارها بين فترة واخرى ، لكنها فجأة قالت لهم انا ايضا اشعر بالمرض قد الحق بكم في اية لحظة لكن احلامي كثيرة وكلماتي التي لم اقلها بعد اكثر ، صوتي مازال يريد الغناء وان كان لايحمل جمال التحليق بالاغنيات ، مازلت اريد تحقيق سعادة لم ادركها بعد وطموحات معلقة على رف لا تطاله يدي ، قالت لهم وهي تغسل بيوتهم الجديدة بالماء وتعطره بالبخور والورد انها تكتب داخل بيوتهم حكايات منهم من يرددها في نفسه ومنهم من يبتعد عن حكاياتها ، لكنها مستمرة بزرع الورد وتوزيع الحلوى والثياب وكأن كل واحد فيهم مازال على قيد الامل .
تثاقلت خطواتها وابتعدت كثيرا عن بيوت ارادها الله لهم وفجأة اسرعت واسرعت لتستقل اول حافلة تعيدها لاحلامها وامانيها وطموحاتها وبعضا من ادوية وصفها الطبيب لتستمر ثابتة الخطى ولايعرف احد ان جسدها يتهاوى من التعب والهم والقهر ، اصرت على المضي واقفة كجبل تتفرع منه الوديان بكل اتجاه يضيف للحياة معنى وللناظر سعادة ، بحثت عن سعادتها بمن حولها فوجدتها في ضحكات الصغار ورضى الكبار وامتنان الصحبة الطيبة ، قالت لطبيبها قد لا احتاج لكل العلاجات التي وصفتها لي دعني امضي بين ادويتي التي احاطني الله بما تبقى منها واعيد تنظيم اولوياتي وامسك بخيط الفرح عله يعيد لي بعضا مما فقدت . ابتسم طبيبها ببعض الرضا والكثير من الغضب فالعلم لايعترف بالاحلام والامنيات لكنه موقن انها قد تساعد على الشفاء وتمJسك باول خيط النجاة من بحر اغرقتنا به الهموم واعادتنا للحياة مرة اخرى .