حرمة الأموال العامة للعراق
غزاي درع الطائي
بين فترة وأخرى، تهب على الأموال العامة للعراق عاصفة من الاعتداءات، التي تصل رمالها وأتربتها وتداعياتها إلى أجهزة الاعلام المختلفة ووسائل الاتصال الاجتماعي المتعددة، ويستقبلها المواطن العراقي بغضب شديد واستنكار عارم، في ظل دعوات متواصلة لاتخاذ اجراءات عاجلة وموثوقة وفاعلة للحفاظ على المال العام وصون حرمته والحفاظ عليه من أي اغتصاب أو تجاوز أو عبث، وتتمثل هذه الاعتداءات بالتَّجاوز والسرقة وإساءة الاستعمال وسوء التدبير والتفريط وعدم الاهتمام، ويشكِّل المال العام العصب الرئيس والمحرِّك الفعّال لاقتصاد كل دولة من دول العالم، فهو الذي يحقق المصلحة العامة ويكون في خدمة المنفعة العامة على الوجه الأكمل، على الأصعدة الاقتصادية والخدمية والتنموية وغيرها، وقد نصت المادة (27) من الدستور العراقي النافذ على (أولا. للأموال العامة حرمة، وحمايتها واجب على كل مواطن، ثانيا. تُنظَّم بقانون الأحكام الخاصة بحفظ أملاك الدولة وإدارتها وشروط التصرف بها والحدود التي لا يجوز النزول فيها عن شيء من هذه الأموال))، وجاء كل من قانون هيئة النزاهة ذي الرقم (30) لسنة 2011، وقانون الرقابة المالية ذي الرقم (31) لسنة 2011، فضلا عن قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم ذي الرقم (21) لسنة 2008، ما ينص على حماية الأموال العامة.
إن مسؤولية الحفاظ على المال العام وصيانة حرمته وحمايته ومنع أي هدر فيه وأي تفريط في مكوناته، من غير تقاعس أو تراخ أو تهاون، لهي من أعلى المسؤوليات أهمية، ومن الأولى أن يكون القائمون بهذه المسؤولية والمتحملون لأعبائها من أحرص الناس على المال العام ومن أقدرهم على حفظه بمسؤولية عالية والتزام شديد وبوعي تام بأهمية هذا المال، وكل ذلك من أجل الاطمئنان إلى أن المال العام بأيدٍ أمينة وتحت نظر مسؤولين يعرفون معنى الأمانة ومعنى الحرمة.
إن المال العام للنفع العام وللمصلحة العامة للبلد، وليس من أجل المصلحة الخاصة والمنفعة الخاصة، مع ملاحظة أن القانون المدني العام قد نص على عدم جواز تملك الأموال العامة بالتقادم، نقول هذا، في الوقت الذي ننتظر فيه من المشرِّع العراقي أن يتحمل مسؤوليته ويقوم بتشريع قانون حرمة المال العام تنفيذا لأحكام الدستور النافذ.