من زمن العيب إلى زمن الفوضى
علي حربوش المسعودي
في مساءٍ مزدحم بالضوضاء، يجلس رجلٌ مسنّ على عتبة بيته، يتأمل الشارع الذي تغيّر ملامحه. يتذكر زمنًا كانت فيه كلمة «عيب» تكفي لإيقاف أي سلوكٍ منحرف، وكأنها جدارٌ غير مرئي يحمي المجتمع. اليوم، يسمعها تُقال باستهزاء: «رجعي، متخلف، غير مثقف». فيبتسم بمرارة، كأن الزمن سرق من الناس ضميرهم الجمعي.
الأطفال يركضون بلا توجيه، العائلة مشغولة بشاشاتها، الحكومة غارقة في حساباتها، والعلماء يكررون خطابات لا تصل إلى قلوب الناس. كل طرف يظن أن المسؤولية ليست عليه، بينما الانحلال يتسلل مثل غبارٍ لا يراه أحد، لكنه يغطّي كل شيء.
في السردية القديمة، كان البيت مدرسة، وكان المسجد منبرًا حياً، وكانت الدولة حارساً للقيم. أما الآن، فالأدوار تاهت، والحرية تحولت إلى فوضى، والثقافة إلى زخرفٍ بلا روح.
يهمس الرجل المسنّ: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته». لكن صوته يضيع وسط ضجيج المدينة. ومع ذلك، يبقى السؤال معلقًا في الهواء: من يعيد بناء الجدار؟ من يعيد للحرية معناها وللثقافة وزنها؟