ثانية (الزمان) رصانة وتجدّد
يونس ناصر
في خضم الحضور الطاغي للسوشيال ميديا، بمختلف منطلقاتها والنيّات التي تقف خلفها، وتدفق أخبارها المتواصل على مدار الساعة، بدأت الأصوات تعلو عن (موت الصحافة الورقية)، وعدم قدرتها على مواجهة هذا التحدّي (الخطر)، في تلبية اهتمام الجمهور، وحاجته الماسّة إلى المعلومة الدقيقة عمّا يجري في العالم الصاخب بالأحداث والمنعطفات المصيرية، بين ساعة وأخرى، بل بين ثانية وثانية، أو بين زمن الكبس على زر أو تبديله، بين المواقع والمحطات، وبدل أن يطمئن القارئ يزداد ارتباكه وضياعه بين الحقيقة والتضليل والدعاية والأخبار الكاذبة المقصودة لتغييب وعيه وقناعاته... كل هذا أدى إلى عدم، أو، قلّة الانتباه إلى الصحافة الورقية التي لم تتخلّ عن حضورها اليومي، منطلقة من ثوابت العمل الصحفي الرصين..
في هذا الاشتباك العنيف والمتواصل، فاجأتنا جريدة (الزمان) الغرّاء، طبعة بغداد، يوم الخميس الماضي، بإصدارها طبعة ثانية بعد إعلان المفوضية العليا للانتخابات نتائجها، معيدة بذلك وعينا وإدراكنا إلى أهمية الصحافة الورقية، وحضورها، وتأثيرها الكبير، بل والحاجة إليها، بخاصة في ظروف حاسمة تشكل منعطفاً هامّاً في مصير الشعب. بما يؤكد أنها ما زالت (السلطة الرابعة) أمام هذا السيل الجارف من الإعلام الرقمي، أولاً: لأنها أكثر مصداقية من بقية الوسائل، بسبب طبيعتها من حيث المضمون المطبوع وغير القابل للإنكار والحذف والإضافة، ثانياً: إنها المصدر الأرشيفي، الموضوعي والحقيقي، لكل ما يجري في العالم من متغيرات حاسمة تهم الحاضر والمستقبل، وجديرة بالمتابعة والعودة إليها عند الضرورة، وبذلك تشكل مصدراً موثوقا به يمكن الوصول إليه بسهولة من قبل المهتمين والدارسين والمحللين..
مع الأخذ في الحسبان أنها تضع على عاتقها مسؤولة غاية في الأهمية، وهي مهنيتها، وجدارتها، وأمانتها أمام قارئ المستقبل، بخاصة المعنيين بما يجري في العالم، وأسبابه، ودوافعه، ونتائجه.. سلباً وإيجاباً.
لقد جاءت مبادرة (الزمان)، الحِرفية الرصينة تلبية لتلهّف أبناء شعبنا لمعرفة آخر الأخبار، وأصدقها، عن واحدة من أهم الفعاليات التي ستشكل ملامح مستقبلهم، وتطلعاتهم، ومن مصدر إعلامي طالما خبِروا حضوره الوطني الأصيل، وبما يؤكد، مرة أخرى، مهنية رئيس تحرير طبعة العراق، الزميل الأكاديمي والإعلامي المبدع الدكتور أحمد عبد المجيد.. وفضائها الأوسع الذي يوفره الأستاذ سعد البزاز بخبرته الإعلامية والسياسية، ورؤيته الاستباقية للأحداث، وعمقها ورصانتها، وموضوعيتها.