الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
احتمالات اختيار رئيس وزراء من خارج دائرة الأسماء المتداولة

بواسطة azzaman

احتمالات اختيار رئيس وزراء من خارج دائرة الأسماء المتداولة

عباس النوري العراقي

 

تمرّ الساحة العراقية اليوم بواحدة من أكثر اللحظات حساسية منذ عام 2003، إذ تشير نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة وما رافقها من رسائل اجتماعية وسياسية إلى ضرورة إعادة النظر في شكل الحكم، وطبيعة القيادة التنفيذية، وطريقة صناعة القرار داخل البيت الشيعي، ولا سيما داخل الإطار التنسيقي الذي ما زال يمسك بمفتاح تشكيل الحكومة المقبلة. وفي ظل هذا المشهد المضطرب، ومع تضاؤل فرص الولاية الثانية لرئيس الوزراء الحالي نتيجة محددات انتخابية وسياسية وإجرائية، تتعاظم فرضية التوجه نحو شخصية لم يسبق طرح اسمها في الإعلام لتولي منصب رئاسة الوزراء.

أولاً: معطيات المرحلة التي تدفع نحو خيار “المفاجأة السياسية”

تشير القراءة الموضوعية للمشهد إلى وجود ثلاثة عوامل رئيسة تدفع باتجاه البحث عن شخصية بديلة وغير مجرّبة إعلامياً:

1. الحاجة إلى ترميم العلاقة مع التيار الصدري

يدرك الإطار التنسيقي أن استبعاد التيار الصدري عن العملية السياسية بشكل كامل هو مغامرة غير محسوبة قد تُعرّض الحكومة المقبلة لهزّات اجتماعية وتظاهرات واسعة، خصوصاً وأن قاعدة التيار الصدري الجماهيرية ما تزال الأقوى حضوراً وتنظيماً.

ومن أجل تهدئة الساحة، يرى بعض قادة الإطار أن اختيار رئيس وزراء “محايد” وغير محسوب على الخصوم قد يفتح نافذة حوار جديدة مع الصدريين ويقلل من التوتر السياسي.

2. ضعف القدرة الانتخابية لرئيس الوزراء الحالي

رغم ما يمتلكه السوداني من علاقات سياسية، إلا أنه لا يمتلك كتلة برلمانية وازنة تسمح له بتشكيل الكتلة الأكبر، حتى في حال تحالفه مع القوى الكردية والسنية. ووفق منطق تشكيل الحكومات في العراق، فإن غياب الكتلة التي تدافع عن الرئيس داخل البرلمان يجعل بقاءه في السلطة شبه مستحيل.

3. الشكوك المتزايدة داخل الإطار بشأن سياسات السوداني

تُتداول اليوم في الأجواء السياسية ملاحظات عديدة داخل الإطار عن توجهات السوداني، ولا سيما:

الاتهامات بالاقتراب من واشنطن تحت غطاء “الانفتاح الاقتصادي”.

التحضير غير المباشر لمسار تطبيع سياسي أو اقتصادي مع الكيان الإسرائيلي.

قضايا قانونية وإدارية تُطرح داخل الكواليس.

توتر العلاقة بينه وبين بعض قيادات الإطار، خاصة مع رئيس ائتلاف دولة القانون.

هذه المعطيات تجعل بقاء السوداني لولاية ثانية خياراً ضعيفاً، إن لم يكن مستبعداً بالكامل.

---

ثانياً: لماذا قد يلجأ الإطار التنسيقي إلى “شخصية خارج الإعلام”؟

1. كسر الاصطفافات السياسية التقليدية

الأسماء المتداولة في الإعلام تنتمي تلقائياً إلى معسكرات سياسية، ما يعني أنّ أي اسم مطروح مسبقاً سيُواجَه برفض أو تحفظ من جهة ما.

أما طرح شخصية جديدة فهو يُعيد ترتيب الطاولة من جديد.

2. طمأنة الشارع ومنع الاحتقان

الشارع العراقي يرى أن الأسماء التقليدية أعيد تدويرها عشرين عاماً دون نتائج.

طرح اسم جديد قد يعطي انطباعاً بتغيير حقيقي ولو جزئياً، ما يخفف من احتمالات عودة الاحتجاجات.

3. فتح باب التوافق مع جميع الأطراف

الشخصية غير المتداولة تمتلك ميزة مهمة:

لا تمتلك خصومات سياسية مسبقة، وهذا يجعل التوافق عليها أسهل بين الإطار، والتيار الصدري، والكرد، والسنة، وحتى على المستوى الإقليمي.

4. استخدام ورقة “المرونة” في المفاوضات الإقليمية والدولية

الشرق الأوسط يعيش تغيرات سريعة، وإعادة هندسة العلاقة العراقية – الأميركية – الإيرانية لا يمكن أن تتم من خلال شخصية تتسبب بحساسيات أو توترات.

شخصية جديدة توفر هامشاً أكبر للمناورة.

---

ثالثاً: من هي هذه الشخصية المحتملة؟ (من دون ذكر أسماء)

الملامح العامة التي يجري الحديث عنها داخل الكواليس تتضمن:

تكنوقراطي ذو خلفية إدارية قوية.

ليس من الصف الأول في أي حزب سياسي.

لا يحمل إرثاً أمنياً أو ميليشاوياً.

يمكن تسويقه من قبل الإطار من دون اعتراض إيراني.

يمكن قبوله من قبل الصدريين كخيار “غير استفزازي”.

قادر على التواصل مع المحيط الدولي دون حساسية مفرطة.

بمعنى آخر:

شخصية “نظيفة سياسياً” وغير ملوثة بالصراعات السابقة، لكنها قادرة على إدارة الدولة.

---

رابعاً: هل هذا السيناريو واقعي؟

نعم، وهو على الطاولة حالياً، لكنه ليس مضموناً.

فالقرار النهائي يتوقف على:

1. توازنات داخل الإطار نفسه.

2. موقف التيار الصدري من المشاركة أو المقاطعة.

3. موقف الفصائل المسلحة من أي تغيير في هرم السلطة.

4. رغبة القوى الإقليمية والدولية في دعم الحل الوسط.

لكن قراءة اللحظة السياسية تؤشر إلى أن اختيار رئيس وزراء من خارج دائرة الأسماء التقليدية هو الخيار الأكثر قابلية للتطبيق إذا أراد الإطار تجنب الانقسام الداخلي أو الغضب الشعبي.

---

خلاصة: العراق يحتاج “وجهاً جديداً”

بعد عقدين من إعادة تدوير السلطة، يبدو أن العراق مقبل على انتقال سياسي هادئ لكنه مهم.

اختيار رئيس وزراء جديد وغير مطروح إعلامياً قد يكون الخطوة الأولى نحو إعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة، وإعادة ضبط الإيقاع السياسي، وخلق توازن يحفظ الاستقرار ولو مؤقتاً.

وفي النهاية، تبقى مصلحة العراق فوق كل الحسابات الضيقة، وهي الأساس الذي يجب أن ينطلق منه أي قرار يتعلق بمستقبل السلطة التنفيذية.

 


مشاهدات 67
الكاتب عباس النوري العراقي
أضيف 2025/11/17 - 3:52 PM
آخر تحديث 2025/11/18 - 1:08 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 51 الشهر 12627 الكلي 12574130
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/11/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير