بين الهوية والكفاءة

شیرزاد نایف

في عراقٍ متعدد الوجوه، حيث تتشابك الهويات وتتصادم الطموحات، يصبح التوافق أكثر من مجرد خيار، بل خوارزمية معقدة لتحويل التنوع إلى استقرار، فالهوية ليست حبيسة الانغلاق بل بوابة للاعتراف بالمكونات كلها، من البارتي الذي يمثّل المكون الكردي ويحفظ حقوق شعبه ضمن الإطار الوطني، إلى العرب السنة والشيعة، فكل مكون يشكّل خلية ضمن شبكة القرار، وفي المقابل تفرض الكفاءة نفسها كمعيارٍ لضمان فاعلية المؤسسات، فالتوازن السياسي الذكي لا يقتصر على التمثيل الرمزي بل يتطلب اختيار الشخصيات المؤهلة لإدارة الملفات المعقدة، وهنا يظهر البارتي نموذجاً حيّاً لكيفية دمج الهوية بالكفاءة، فهو حافظ على مصالح المكون الكردي وحقق شعاراته السابقة قولا وفعلاً، من قوة وأزدهار و تقدم ويشارك في صناعة الحكومة، ويقدّم مرشحين قادرين على إدارة الدولة بمهارة، ويسعى في هذه الدورة لتحقيق أهداف أغلى وأعمق وأكثر استراتيجياً من ذي قبل، فالتوافق في العراق ليس مجرد اتفاقات أو تحالفات، بل هو معادلة دقيقة بين احترام التنوع وحماية الحقوق وتعزيز الكفاءات، حيث تتلاقى الأنياب السياسية مع دفء الهوية، وتترجم الاختلافات إلى استقرار، لتصبح العملية السياسية العراقية كخوارزمية معقدة تتناغم فيها الهويات وتتسق فيها المصالح، وبين الهوية والكفاءة، وبين الطموح والاستحقاق، وبين الشراكة والتوازن، يتشكل المسار الذي يحتاجه العراق اليوم وغداً.