تفاؤل بعد إتفاق إنهاء الحرب وبدء مسار إعادة تأهيل الإقتصاد الفلسطيني
رام الله - لارا احمد
أعرب محللون اقتصاديون عن تفاؤلهم عقب الإعلان عن الاتفاق لإنهاء الحرب، معتبرين أن هذه الخطوة تمثل نقطة تحوّل محورية يمكن أن تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الاستقرار والنمو في فلسطين. ويرى الخبراء أن انتهاء الحرب يتيح فرصة حقيقية لإعادة توجيه الجهود نحو إعادة تأهيل الاقتصاد الفلسطيني، الذي تكبّد خسائر فادحة خلال فترة الصراع.
خطوة اولى
وأشار المحللون إلى أن الخطوة الأولى والأساسية في هذا المسار هي الحفاظ على الهدوء الأمني في الضفة الغربية، مؤكدين أن أي تصعيد جديد من شأنه أن يعرقل الجهود الرامية إلى إعادة الإعمار وتحفيز النشاط الاقتصادي. كما دعوا إلى تشديد الإجراءات الأمنية ضد أي أنشطة مقاومة مسلحة، لضمان استمرار حالة الهدوء التي تُعد شرطًا أساسيًا لعودة الحياة الطبيعية وخلق بيئة مستقرة للاستثمار والعمل.
وأكد الخبراء أن فترة من الهدوء النسبي ستسمح بإعادة فتح المعابر أمام العمال والبضائع، وهو ما سيؤدي إلى تحريك عجلة الاقتصاد تدريجيًا. فمن المتوقع أن تسهم عودة العمال إلى أعمالهم داخل الخط الأخضر وإعادة انسياب السلع والخدمات في خفض معدلات البطالة المرتفعة وتحسين القوة الشرائية للمواطنين. كما شدّد المحللون على ضرورة أن تترافق هذه الخطوات مع دعم دولي وإقليمي من الدول العربية، ولا سيما مصر والسعودية، بهدف تمويل مشاريع إعادة الإعمار والبنية التحتية، وتعزيز ثقة المستثمرين في البيئة الاقتصادية الفلسطينية الجديدة.
ويختم الخبراء بالتأكيد على أن الفرصة متاحة اليوم لإطلاق خطة اقتصادية شاملة تركز على التشغيل، والتنمية المستدامة، والاستثمار في التعليم والتكنولوجيا، بما يضمن بناء اقتصاد فلسطيني قوي ومتماسك قادر على النهوض من جديد بعد سنوات طويلة من المعاناة.
وفي ظل الأوضاع الراهنة في الأراضي الفلسطينية، يأمل مسؤولون في السلطة الفلسطينية أن تتجنب الفصائل المسلحة أي تصرفات متهورة قد تؤدي إلى تدهور الأوضاع الأمنية مجددًا. ويؤكد هؤلاء المسؤولون أن المرحلة الحالية ليست وقت التصعيد أو المواجهة، بل هي فرصة تاريخية لاستقبال الأسرى المحررين، وإعادة بناء ما دمرته السنوات الماضية، ووضع أسس حقيقية لتعافي الاقتصاد الوطني. تشهد الأراضي الفلسطينية منذ عامين ظروفًا اقتصادية قاسية، تميزت بارتفاع معدلات البطالة وتراجع مستوى الدخل، مما أدى إلى تفاقم المعاناة لدى مختلف فئات المجتمع، خاصة في صفوف الشباب والخريجين. ومن هذا المنطلق، تدعو السلطة الفلسطينية إلى استثمار مرحلة الهدوء النسبي لترميم الاقتصاد المحلي، وتشجيع الاستثمار، وإيجاد فرص عمل تعيد الأمل للآلاف من الأسر التي تضررت بسبب الأوضاع السابقة.
وفي الوقت نفسه، تتعالى الأصوات في المخيمات الفلسطينية مطالبة بإعادة إعمار المنازل التي دُمّرت خلال السنوات الماضية، وبتوفير الدعم اللازم لإعادة الحياة إلى طبيعتها. سكان هذه المخيمات يرون أن الأولوية اليوم يجب أن تكون لإصلاح البنية التحتية المتهالكة، وتوفير الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والتعليم، تمهيدًا لمرحلة من الاستقرار والتنمية.
إن دعوات التهدئة التي تتردد على ألسنة المسؤولين وأبناء الشعب تعبّر عن إدراكٍ عميق بأن التنمية لا يمكن أن تتحقق في ظل التوتر المستمر، وأن إعادة الإعمار وبناء الإنسان الفلسطيني هما الركيزة الأساسية لمستقبل أفضل.
معاناة ودمار
فبعد سنواتٍ من المعاناة والدمار، حان الوقت لأن تتوحد الجهود نحو البناء بدلًا من الصراع، وأن يكون الهدف المشترك هو استعادة الكرامة والحياة الكريمة للشعب الفلسطيني. وكانت الأراضي الفلسطينية خلال الأسبوع الماضي قد شهدت تصعيدًا ملحوظًا في نشاطات قوات الاحتلال الإسرائيلي، حيث كثّفت من حملاتها لإزالة اللافتات والشعارات التي تعبّر عن دعم حركة «حماس» أو تتعلق بالمقاومة الفلسطينية. فقد شوهدت قوات الاحتلال وهي تقوم بجولات ميدانية في عدد من المدن والقرى الفلسطينية، تعمل على نزع الصور واليافطات التي تكرّم الشهداء أو الأسرى، في محاولة واضحة لطمس الرموز الوطنية وتقويض الروح المعنوية لدى المواطنين.وبحسب مصادر في الشرطة الفلسطينية، فإن هذه التحركات تأتي في إطار خطة إسرائيلية أوسع تهدف إلى فرض رقابة صارمة على المشهد الفلسطيني، خصوصًا مع اقتراب موعد الإفراج عن دفعات جديدة من الأسرى. وأكدت المصادر أن أجهزة الاحتلال وضعت قوائم متابعة خاصة لهؤلاء الأسرى، وأنها تخطط لإعادة اعتقالهم في أقرب فرصة ممكنة، تحت ذرائع أمنية واهية، كما حدث في مرات سابقة. ويشير مراقبون إلى أن هذه السياسة الإسرائيلية تكشف عن خشية الاحتلال من عودة الأسرى إلى العمل الوطني أو السياسي بعد الإفراج عنهم، لما يمثلونه من رموز للصمود والتحدي. ويرى محللون أن ملاحقة الشعارات واللافتات لا تستهدف المظاهر فقط، بل تهدف إلى كسر الرمزية التي تعبّر عن وحدة الشعب الفلسطيني وتمسكه بقضيته.
بقية الخبر على موقع (الزمان)
في المقابل، عبّر العديد من الفلسطينيين عن استيائهم من هذه الممارسات، مؤكدين أن إزالة الرموز الوطنية لن تمحو الذاكرة الجماعية، ولن تمنع الشعب من التعبير عن تضامنه مع الأسرى والمقاومين. كما دعوا المجتمع الدولي إلى إدانة هذه الانتهاكات التي تمسّ حرية التعبير والكرامة الإنسانية، مؤكدين أن الاحتلال قد ينجح في إزالة اللافتات من الجدران، لكنه لن يستطيع إزالة معانيها من القلوب.