عندما يكون الانتماء سُبَّة
خالد السلامي
منذ بدأ تأسيس الحركات والاحزاب الدينية في المنطقة العربية وهي غالبا لا تعمل إلا في المناطق العربية وَضعت او بالأحرى وُضعت لها عدة اهداف وأولها محاربة الفكرة القومية باعتبارها تتعارض مع الدين حسب ما يروجون لأنفسهم بينما كل قيادييهم ومنتسبيهم يضعون القابهم العشائرية مع أسمائهم التي تشير الى انتمائهم القومي لان العشائر والقبائل هي عبارة عن أجزاء من قوم اكبر منها فلم ولن نجد اسماءً ولا القاباً فرنسية او انجليزية او تركية او فارسية او ألمانية او إيطالية او كردية عند العرب وكذلك لم ولن نجد مثلها من الالقاب العربية واسماؤها عند تلك القوميات وغيرها مما يدل على تمسك كل من هذه المسميات بما فيها العربية بانتماءاتها القومية لكن الفرق ان القوميات الاخرى تفتخر وتعتز بانتماءاتها بينما لا يجوز بل وممنوع على العرب الافتخار بنسبهم العربي والأكثر من هذا جعلوا من العرب يلعنون انتسابهم ويروجون لقوميات أخرى على حساب قوميتهم فصار من يطالب باحترام قوميته من العرب بالقومجي كسُبة وشتيمة لكل من يتذكر هذا الانتماء والاكيد ان الأهداف واضحة وهي تحضير المواطن العربي نفسياً وفكرياً للقبول بسيطرة اصحاب المشاريع التوسعية من القوميات الاخرى على حساب العرب بحجة الدين الذي اوصله العرب اليهم .
وبعد أن نجح المروجون لكراهية العرق العربي ومن يقف وراءهم في غرس الكراهية للعروبة في نفوس ابنائها بدأوا بمشروع اخر قد لا يقل عما سبقه خطورةً وهو محاربة الوطنية في خطوة واضحة المعالم والغايات لإلغاء الحدود الوطنية وجعل المواطنين العرب يلغون انتماءاتهم الوطنية بعد ان تنزلوا عن قوميتهم بحسب ما نرى ونعيش اليوم من سخرية الكثير منهم بأنفسهم لان من يسخر من قومه يسخر من نفسه وأهله ويعملون على تمجيد الاخرين حتى صار كل من يطالب بوطنه وسيادته يسمى بالوطنجي فصارت لدينا تهمة أخرى لمن يعتز بقومتيه ووطنه فصار القومجي والوطنجي منبوذين من قبل من يستعمل الدين لأغراض معروفة لا علاقة لها بالدين الا بالإسم فقط في حين لا يسمح للآخرين بتسمية هؤلاء الذين يُسخِرون الدين لغاياتهم ومشاريعهم بالدينجية .
بحيث وصل الامر بالدينجي الى ان يحارب اية فكرة قومجية او وطنجية في حين تفتخر كل القوميات والوطنيات الاخرى بانتماءاتها الوطنية والقومية
لذا إن كانت القومجية والوطنجية تُهَم يحاول مطلقيها الإساءة لمن لا يزال يفتخر بإنتماءه الوطني والقومي فما اجملها من تهم تزيد القومجية والوطنجية فخرا واعتزازا بانتماءاتهم. فالله سبحانه وتعالى لم يجعل الدين كله امة واحدة حين قال في الآية الثامنة من سورة الشورى (( وَلَو شَاءَ للَّهُ لَجَعَلَهُم أُمَّة وَحِدَة وَلَكِن يُدخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحمَتِهِ وَلظَّلِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِي وَلَا نَصِيرٍ (8) .)) وهو الذي جعلنا شعوبا وقبائل لنتعارف وهو الذي يحدد من هو اتقانا فيكون عنده اكرمنا كما في الآية الثالثة عشرة من سورة الحجرات ((( يَأَيُّهَا لنَّاسُ إِنَّا خَلَقنَكُم مِّن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلنَكُم شُعُوبا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ للَّهِ أَتقَىكُم إِنَّ للَّهَ عَلِيمٌ خَبِير (13) .)))