الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
واقع الطيران المدني في العراق ماقبل ومابعد استلام الحكومة المنتهية ولايتها

بواسطة azzaman

إصلاح مؤجل وملفات معلّقة

واقع الطيران المدني في العراق ماقبل ومابعد استلام الحكومة المنتهية ولايتها

فارس الجواري

 

قطاع الطيران المدني العراقي أحد أكثر القطاعات التي تعاني من فجوة كبيرة بين السياسات المعلنة والنتائج المتحققة رغم تعدد المبادرات الحكومية ألا أن هذا القطاع لم يشهد أي تحولاً مؤسسياً أو تشريعياً أو تنظيمياً على أرض الواقع حيث أظهرت المقارنة بين مرحلة ما قبل تسلم الحكومة المنتهية ولايتها للملف وما بعدها استمرار المشكلات الهيكلية ذاتها وتكرار النهج الإداري نفسه دون انتقال فعلي نحو إصلاح شامل ولتحليل الوضع الراهن للقطاع وتقييم التقدم المتحقق سأتناول من خلال هذه المقالة وبصيغة دراسة تحليلية تشخيص مكامن الخلل في ابرز اقسام هذا القطاع الحيوي بشقيه التشريعي والخدمي خلال فترة الحكومة التي انتهى تكليفها حديثا .

 

أولاً: الإطار التشريعي والتنظيمي

على الرغم من أن الطيران المدني في العراق يمارس نشاطاته الخدمية لكنه حتى اليوم يتعامل مع قانون قديم يعود إلى أكثر من خمسة عقود وهي احد ابرز نقاط الضعف التي تعيق اصلاحه كونه محكوماً بنصوص قديمة لاتواكب التحديثات العالمية وفق معايير المنظمة الدولية للطيران المدني  ICAO   أو لمقتضيات التنظيم المؤسسي وهو ما سبب الاخفاق في احراز سلطة الطيران المدني العراقي من أي تقدم ملموس في ملف تدقيق السلامة التشغيلية USOAP خلال فترة الحكومة المنتهية ولايتها بل أستمرت في عدم أجتيازها برنامج التدقيق هذا مع خمس سلطات طيران في العالم لم تتجتاز هذا التدقيق ايضا وهو مايؤشر الى وجود ضعف واضح في الإجراءات التصحيحية الواجب اتخاذها للنجاح في اجتياز هذا البرنامج التدقيقي .

 

ثانياً: أداء الناقل الوطني وشركات النقل الجوي

1. الخطوط الجوية العراقية

لم تنجح الخطوط الجوية العراقية قبل أو بعد الحكومة المنتهية ولايتها في الخروج من قائمة الحظر الأوروبي المستمر منذ 11 عاماً ما أدى إلى خسائر مالية كبيرة في الايرادات نتيجة استغلال شركات النقل الجوي في دول الجوار لتسيير رحلات للمسافرين العراقيين بدلا عنها , يؤشر على الشركة انها لم تمتلك مركز تدريبي متخصص بالرغم من وجود هيكل غير متكامل  لبناية هذا المركز التدريبي المتخصص لشركة الخطوط الجوية العراقية يقع مباشرة امام الإدارة العليا للشركة داخل المطار في حين استمرت الشركة في إيفاد موظفيها إلى الخارج بكلف عالية تقدر بملايين الدولارات انهكت ميزانيتها , اما في جانب صيانة الطائرات فلاتزال ورش تصليح المعدات ومركز الصيانة في التابع للشركة عاجز عن تقديم خدماته لطائرات الشركة بسبب عدم اكتمال اجراءات تأسيسه واخذ موافقات ورخص عملها مما زاد من توقف العديد من طائرات الشركة عن الخدمة اما بسبب الاعطال اولاستحقاقها اجراءات التفاتيش في مراكز صيانة خارج الحدود والتي تستنزف الملايين من الدولارات من ميزانية الشركة نتيجة الكلف العالية للتعاقد الخارجي .

 

2. شركة فلاي بغداد للطيران  – تراجع نموذج الشركة الخاصة

في حين سجلت شركة فلاي بغداد قبل استلام الحكومة نمواً حذرا وتقدماً مؤسسياً بدأت معالمه تظهر للمراقبين من خلال اجتيازها لبرنامج  تدقيق IOSA  وزيادة الأسطول والسعي للحصول على شهادة مشغل البلد الثالث للطيران فوق اوربا بدت خلال فترة استلام الحكومة تراجع حاد شمل إدراجها في الحظر الأوروبي وايضا إدراجها في القوائم الأمريكية السوداء وهو ما جعل عملياتها التشغيلية تتراجع بأكثر من 70٪ وهو ما يعكس هشاشة بيئة التنظيم وغياب سياسات دعم شركات القطاع الخاص.

 

ثالثاً: إدارة وتشغيل المطارات

1. مطار بغداد الدولي

سادت خلال فترة الحكومة المنتهية ولايتها حالة من الاضطراب الإداري للمطارات الحكومية العراقية بسب التغييرات المتكررة في تبعيتها مابين سلطة الطيران المدني والملاحة الجوية ووزارة النقل دون انعكاس إيجابي على مستوى الخدمة أو البنى التحتية الى أن انتهت هذه الازدواجية بعرض المطار للاستثمار عبر جهة محلية وشريك أجنبي وهي خطوة تحتاج إلى تقييم دقيق لضمان عدم تحويل المطار إلى مشروع تجاري قصير الأمد على حساب الدور السيادي والاستراتيجي.

2. مطار الموصل الدولي

رغم إعادة افتتاحه كمطار دولي وبعد توقف دام أشهر أعيد تصنيفه كمطار محلي وحتى في هذا الوضع لم تُسجّل حركة تشغيل فعلية للمطار سوى رحلة واحدة للمواطنين وبعض الرحلات الخاصة للمسؤليين ثم حاليا المطار شبه متوقف وهو مايؤشرعلى ضعف التخطيط وغياب الجدوى التشغيلية للمشروعات غير المكتملة .

 

رابعاً: الخدمات الأرضية – هيكلة مالية غير مواتية

الخدمات الأرضية لشركة الخطوط الجوية العراقية تم احالتها لمستثمر ياخذ ٧٠٪ من الأرباح ويبقي 30٪ فقط للخطوط الجوية العراقية  مما سبب خسارة للخطوط كون انها كانت تربح من تقديم هذه الخدمة للطائرات غير العراقية بنسبة 100٪ ولطائراتها  0٪  لكن هذه الاحالة ادت الى حرمان شركة الخطوط لمجانية تقديم الخدمات لطائراتها رغم أن هذه الخدمة كانت تمثل مورداً مالياً كاملاً للناقل الوطني قبل التغيير وهو ماأسهم في تقليص قدرة الخطوط الجوية على تحسين وضعها المالي أو الاستثمار في تطوير خدماتها.

مما ورد اعلاه يستنتج هذا التحليل أن الفترة التي سبقت وتسلمت الحكومة المنتهية ولايتها لم تختلف كثيراً عن الفترة التي أعقبتها من حيث القصور التشريعي وضعف التنظيم واستمرار الحظر الأوروبي وتراجع أداء الشركات مع غياب الإدارة المستقرة للمطارات اضافة الى تعطّل مراكز التدريب والصيانة بغياب واضح لرؤية استثمارية استراتيجية كل ذلك أدى إلى إدامة حالة “الإصلاح المؤجل”، وإبقاء الملفات الأساسية عالقة دون حلول مؤسسية.

أما التوصيات الاستراتيجية المقترحة من خلال الاستنتاج تتضمن اساسيات عدة أهمها تحديث الإطار التشريعي من خلال تسريع تشريع قانون طيران مدني حديث يتماشى مع معايير ICAO ويعزز استقلالية التنظيم , مع وضع خطة استراتيجية لإصلاح هيكلي للخطوط الجوية العراقية قابل للتطبيق على ارض الواقع يتضمن تطوير نظام السلامة مع استكمال بناء وتاهيل مراكز التدريب والصيانة مع إعادة النظر في نماذج الإدارة والتشغيل التي تنتهجها الشركة بهدف الاسراع في معالجة ملف الحظر الأوروبي بآليات مهنية واضحة , اما بخصوص شركات النقل الجوي الخاصة فقد هدفت التوصيات الى ضرورة زيادة دعم شركات القطاع الخاص وذلك بوضع سياسات واضحة لتحسين بيئة التشغيل ومنع القرارات التي تسهم في إضعاف تلك الشركات لتعزيز التنافسية , وفيما يخص المطارات ذهبت التوصيات الى إعادة تعريف نموذج ملكية وتشغيل المطارات الحكومية العراقية بما يضمن الحفاظ على السيادة ورفع الكفاءة وهو مالم يحصل ان لم تتوجه الحكومة القادمة الى انصاف هذا القطاع الحيوي والخدمي الذي يمكن يكون داعم لاقتصادياتها لو تم تطبيق الخطوات الاصلاحية على ارض الواقع بشكل مهني وحرفي يطابق المعايير الدولية .

 

 


مشاهدات 47
الكاتب فارس الجواري
أضيف 2025/11/25 - 4:05 PM
آخر تحديث 2025/11/26 - 1:53 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 71 الشهر 18765 الكلي 12680268
الوقت الآن
الأربعاء 2025/11/26 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير