أهمية مرحلة الطفولة في حياة المراهق
ايوب صالحي
أن مرحلة الطفولة تعتبر ذات أهمية كبيرة في تكوين شخصية الفرد , ذلك لأن توضع البذور الأولى لشخصيته فعلى ضوء ما يلقى في مرحلة الطفولة يتحدد إطار شخصيته , فإذا كانت تلك الخبرات مواتية وسوية , وسارة , يشب رجلا سويا الذی یحیط به , وإن كانت خبرات مؤلمة مريرة ترك ذلك أثارا ضارة في شخصيته, إن خبرات الطفولة تحفرجذورها عميقة في شخصية الفرد , لأنه مازال كائنا قابل للتشكيل والصقل , وعلى ذلك ينبغي الاهتمام بهذه المرحلة على وجه الخصوص, وتوفير البيئة الصحية للطفل وتقديم الرعاية النفسية اللازمة له , والعمل على إشباع حاجاته , وحمايته من التوتر, والقلق , والخوف , والغيرة , والغضب , والشعور بعدم الأمان , ومعاملته معاملة حسنة على أساس من الفهم العميق لدوافعه , وانفعالاته , وإحساساته , ولكن ينبغي الإشارة إلى أن عملية تربية الأطفال ليست عملية سهلة هينة ولكنها عملية تتطلب الكثير من الوعي النفسي والتربوي لدى الآباء والأمهات والمعلمين والكبارعامة , أن ملامع شخصية الفرد تحددها خبرات الطفولة , بما فيها من طريقة معاملة , أوحتى الظروف البيئية المحيطة وعلى هذا الأساس يرى أنه لابد من الاهتمام بهذه المرحلة لتحقيق توافق الفرد مستقبلا مع نفسه ومجتمعة , ولضمان هذا الأمر طرح نقاط مهمة جدا , وهي كالتالي .
1-توفيربيئة صحية للطفل
2-ضرورة إشباع الحاجات النفسية الأساسية للنمو
3-معاملة الطفل معاملة حسنة .
فی هذا الصدد إلى أن الإدراك الاجتماعي الأطفال يمثل درجة فهمهم (1975 Shantz يشير شانتز)
الآخرین , وكيفية فهمهم الأفكار , ومقاصد , وحركات , وآراء الآخرین , ويرى أن هذه الإدراكات تحدد بشكل آلي كيفية تفاعل الأطفال مع الآخرین,
یستنتج من رأي شانتز, أن طبيعة إدراك الطفل الآخرین , والأفكارهم تحدد كيفية تفاعله معهم , بحيث يتم تفاعله هذا بشكل تلقائي بناء على فهمه الآخر , یتفق هذا مع ما ذهبت إليه فادية عمر الجولاني في حديثها عن أهمية مرحلة الطفولة حيث ترى نظرا لما لمرحلة الطفولة من أثر , فإن فهم ظروف هذه المرحلة , وخصائصها الاجتماعية , والنفسية , والفسيوبوجية على درجة كبيرة من الأهمية , ودلك لأنها مرحلة تعكس حساسية الطفل , وتأثر بالمحيطين به , وبالأساليب المتبعة في تربيته, وبذلك تشكل مراحلة النمو المتمثلة : الطفولة المبكرة( 2. 6 سنة ) , الطفولة الوسطى (6 . 9 سنة ) الطفولة المتأخرة ( 9 . 12 سنة ) , تشكل أساسا لنمو ذات الفرد, ومفهومه لنفسه وللمحيطين به. إضافة إلى نموه الأخلاقي , وتشكيل شخصيته في محيط الاجتماعي , وهي بذلك على درجة كبيرة من الأهمية , وفهمها مطلب ضروري لتشخيص المشكلات الاجتماعية والمدرسية .
يؤكد هذا ما أشار إليه : عبد العلي الجسماني , في أن الطفل الذي عاني من الحرمان أيام طفولته يظهر في مراهقته تعلقا متميزا بمن يبدي إزاءة العطف من معلمية , أو أحد لداته في المدرسة , والطفل الدي يشعر بعدم الثقة بالنفس خلال أيام الطفولة السابقة للمراهقة , يتطلع في المرحلة الأخيرة هذه إلى من يتقبله من غير أن يشير إلي خطأ قد يصدر عنه , والطفل الذي قد نشأء موزونا بعد أن يكون قد تمتع بطفولة خاليه من المنغصات الكثيرة يكون أيام المراهقة علاقة مع صديق , او أكثر ممن يتقبلونه على علاته كما هو, ويشاركون اهتماماته وأولا عه . يستنتج من خلال تحليل عبد العلي الجسماني , أهيمة إدراكات الطفل في مرحلة الطفولة , ومساهمتها في تحديد توجهاته , وإدراكه الآخرین بناء على إدراكه لطبيعة معاملتهم له , فهذه الأخيرة ترسم مستقبل الصحة النفسية لهذا الطفل , وهو ما أشار إليه مصطفى فهمي في حديثه عن السنوات الأولى لها أهميتها في تنشئة الطفل , وفي تمتعه بأكبر قسط من التكيف السليم في مستقبل حياته , ولذلك وجب علينا كمربين أن نتفهم أحسن السبل للتعامل مع الطفل في مراحل نموه الأولى , لكي نضمن له نوا سليما متطورا محققا الحاجاته العضوية والنفسية والاجتماعية , يركز مصطفى فهمي في الحديث أعلاء ,على أن السنوات الأولى من عمر الطفل يتوقف عليها توافقة في المستقبل , ويوجه رسالة لكل المربين مغزاها أن عملية التربية ليست بالسهلة ولا بد من إتباع الأساليب السوية في تنشئة الأبناء لضمان نموهم السليم , يضيف مصطفى فهمي أن البيئة المحيطة بالطفل , بما في ذلك أسلوب معاملة الآباء , تعتبر عاملا هاما في تشكيل شخصيته , وتكوين اتجاهاته , وميوله , ونظرته للحياة , ونحن کآباء نعتبر أنفسنا الأعمدة الأساسية في هذه البيئة , وكلما ازددنا بصيرة بخصائص نموه في النواحي البدنية , والعقلية والعاطفية , والاجتماعية دل ذلك على مقابلة وإشباع حاجاته المختلفة , إن هذا الفهم الخصائص نمو الأطفال سيساعدنا على معرفة طرق التعامل معهم في مراحل نموهم المتعاقبة .
يتضح مما سبق أهمية معرفة طفولة الفرد في تفسير سلوكاته في مراحل عمره اللاحقة , لما لمرحلة الطفولة من تأثير على تكوين شخصيته , وكون المعاملة التي يتلقاها مسؤولة عن كل ما سيقوم به, أو يكون عليه مستقبلا , حيث يحتفظ بصور ذهنية من تلك الفترة تعكس إدراكه للجو الذي نشأ فيه , وعلاقاته بالمحيطين به , ويتفاعل بناء على هذه الادراكات التي كونها , فهو ينطق من الخبرات الماضية سواء كانت سارة أو أليمة وبناء عليها يكون اتجاهاته , ويحدد نمط تفاعله ببيئته , وقد تناول مصطفى فهمي : نفس هذا الاتجاه في تحليل تأثير مرحلة الطفولة على المراهق , حيث أشار إلى أنه كي نفهم سلوك المراهق , ولكي نستطيع أن نقدم إليه ما يحتاجه من مساعدة وعون , يجدر بنا أن نعنل فى فهم مشاعره الماضية. إن هذا الفم لا شك يساعدنا على معرفة الأسباب التي تدفعه إلى القيام بما يعمل , كما تجعلنا نعرف كيف بدأت متاعبه ومشاكله المختلفة ... إن كثير من المشاعر التي تواجه سلوك المراهق في الحاضر وتؤثر على شخصيته تمتد إلى الوراء. وهي كذلك وثيقة الصلة بفكرة المراهق عن نفسه التي هي وليدة خبرات الطفولة , والطريقة التي كان يعامل بها من والديه. هذا يدعونا إلي القول بأن الحوادث التي تقع للطفل والخبرات التي يمر بها يجب أن نعرفها لكي نفهم سلوكه في المستقبل, إلا أن هذه المعرفة ليست كافية في حذ ذاتها .