عندما يصنع الترند شيخاً
هاشم ذياب الجنابي
في الماضي كان لقب الشيخ يحمل ثقلاً مهيباً.فهو لا يمنح إلا لمن كتبت له الحكمة والحنكة بمرور السنين واختبرته المواقف الصعبة. وشهد له المجتمع بنسب أصيل ومكانة راسخة.. لقد كان مجلس الشيخ بمثابة منارة للعلم وملتقى لفض النزاعات ومصدراً لإرشاد الشباب. أما اليوم وللأسف ومع هيمنة وسائل التواصل الاجتماعي في المجتمع يبدو أن قواعد اللعبة قد تغيرت بشكل جذري. لقد أصبح الترند هو المعيار الجديد ويطلق على هذه الظاهرة بالعامية الطشة وصار من الممكن لصناع المحتوى أن يرتدوا عباءة «المشيخة» بمجرد إثارتهم للجدل أو استعراضهم للحياة الفاخرة أو حتى بالتقاطهم لصورة في مكان يوحي بالمكانة المرموقة ولم يعد الوصول إلى هذا المنصب يتطلب مؤهلات تقليدية. بل أصبح يعتمد بشكل كبير على عدد المشاهدات والإعجابات والمشاركات. إن المنصات مثل فيسبوك وتيك توك وغيرها لا تميز بين الحكمة والسطحية. بل تمنح الأولوية للمحتوى الأكثر إثارة للجدل أو الغرابة. وبالتالي يجد هؤلاء الشيوخ الجدد أنفسهم مدفوعين لإنتاج محتوى يتماشى مع هذه المعايير مما يجعلهم يظهرون بمظهر الممثلين على الشاشة بدلاً من قادة المجتمع.لقد أصبحت المشيخة ظاهرة تتنافس فيها المظاهر على حساب الجوهر.و يتم التركيز على إظهار القدرة المالية بدلاً من الحكمة. وإلقاء الخطابات القوية بدلاً من تقديم حلول عملية للمشكلات. ونتيجة لذلك يتعرض الشباب للتضليل. حيث يصبح النموذج الذي يتبعونه هو الشخص الذي يظهر بشكل جذاب بغض النظر عن ما يقدمه من قيمة حقيقية.أن هذا التحول لا يقتصر على تغيير الألقاب فقط. بل يهدد بتفكيك منظومة القيم الأجتماعية التي حافظت على تماسك المجتمعات العشائرية لقرون طويلة لذلك تود ان نوضح للملأ أن ظاهرة «شيخ الترند» ليست مجرد تغيير بسيط في القاب. بل هي انعكاس لتحول أعمق في مجتمعاتنا. إنها تحذير من أننا قد نكون بصدد استبدال القادة الحقيقيين الذين بنوا مجدنا على الصدق والنزاهة بأفراد لا يمتلكون سوى القدرة على تحقيق الشهرة الافتراضية..
و تعتبر ظاهرة الشيوخ الجدد من الظواهر الحديثة في المجتمعات العربية.حيث يبرز هؤلاء الشيوخ بأساليب مختلفة عن شيوخ العشائر التقليديين. وتحول دورهم من مجرد قادة اجتماعيين إلى وسطاء سياسيين وأصحاب نفوذ. مما جعل علاقتهم بالسلطة والمصالح الشخصية محط أنظار الناس.وهذا التحول يثير تساؤلات حول قيمهم ومبادئهم.فياترى هل هؤلاء مايزالون يمثلون نبض المجتمع أم أصبحوا مجرد أدوات في أيدي أصحاب القرار. أما الآن فتعتبر العلاقة بين شيوخ العشائر والسلطة السياسية علاقة معقدة ومتشابكة.حيث يسعى البعض لاستغلال نفوذهم العشائري للحصول على مكاسب سياسية ومادية. بينما تستفيد السلطة من دعمهم لتعزيز شرعيتها ونفوذها في مناطق معينة. هذا التحالف قد يؤدي إلى تفاقم الفساد واستغلال الموارد.مما يضعف دورهم كقادة مجتمع حقيقيين..لذلك يجب علينا ان ندرك أن هؤلاء من شق الصف ويجب ان يتم استأصالهم من المشهد لأنهم يمثلون دور الرويبضه . فكيف يكون هو المؤثر...