فم مفتوح .. فم مغلق
رابطة المستشفيات الأهلية..خطوة مباركة
زيد الحلي
في بلدٍ يواجه تحديات صحية واقتصادية متراكمة منذ عقود، تبرز بين مدة واخرى بارقة أمل، ومبادرات تسعى لردم الهوة بين طموح المجتمع وحاجاته، وبين الإمكانات المتاحة. ولعل من أبرز هذه المبادرات التي انطلقت مؤخراً في بغداد، تأسيس رابطة المستشفيات الأهلية، وهي رابطة غير حكومية، لكنها تنبض بروح المسؤولية الوطنية والاجتماعية، وتطمح أن تكون صمام أمان لمسيرة الطب الأهلي في العراق.
لقد شهد العراق في السنوات الأخيرة تزايداً ملحوظاً في عدد المستشفيات الأهلية، وهو أمر يعكس حاجة المجتمع المتنامية إلى خدمات طبية تكمّل وتوازي الجهود التي تقدمها المؤسسات الحكومية. غير أنّ تشتت هذه الجهود، وغياب التنسيق بينها، ظلّ عقبةً أمام الارتقاء بمستوى الأداء، وحرمان المرضى من ثمرة تكامل الخبرات. من هنا جاءت فكرة الرابطة كخطوة جادة لتوحيد الرؤى، وتنظيم العمل الأهلي الطبي في إطار تكاملي يخدم المجتمع بأفضل صورة ممكنة.
ومن خلال زيارة سريعة لمقر الرابطة دون موعد ، لمستٌ انها لا تكتفي بمجرد جمع المستشفيات الأهلية تحت مظلة واحدة، بل تسعى إلى بناء ثقافة مشتركة، قائمة على تنمية روح التعاون، وتبادل الخبرات، والتنسيق في تبني مبادرات إنسانية تعود بالنفع المباشر على المواطن. فهي تؤكد على ضرورة أن تكون هذه المستشفيات، رغم خصوصيتها واستقلالها، جسراً من جسور خدمة المجتمع، لا مجرد مؤسسات استثمارية.
ومن بين الأهداف النبيلة التي تعلنها الرابطة: تشجيع المبادرات الإنسانية في العلاج الطبي، وإيجاد مساحات من التكافل الطبي مع الفئات الأكثر ضعفاً، إضافة إلى الاهتمام بالمرضى، ليس من زاوية العلاج فقط، بل من حيث التثقيف الصحي والوعي المجتمعي بأهمية الوقاية، وهو جانب لطالما عانى من الإهمال في واقعنا الصحي. فالمريض في النهاية لا يحتاج إلى دواء فحسب، بل إلى بيئة صحية تُعنى بسلامته جسداً وعقلاً وثقافة. إن تأسيس هذه الرابطة يمثل بداية عهد جديد للطب الأهلي في العراق، فهي تضع لبنةً مؤسسية تساهم في رفع مستوى الثقة بين المواطن والمستشفى الأهلي، وتُشعر الجميع أن هناك مظلة مسؤولة تحرص على المعايير الطبية والإنسانية، وتدافع عن حقوق المريض، وفي الوقت ذاته تعزز حضور الأطباء والمستشفيات في مسيرة التنمية الوطنية. ولعلّ الأهم من كل ذلك، أن الرابطة تشكل رسالة واضحة إلى المجتمع: أن الطب الأهلي ليس منافساً للطب الحكومي، بل شريكاً رديفاً، يقف إلى جانبه في أصعب الظروف، ويعمل معه جنباً إلى جنب من أجل عراقٍ صحيٍّ أفضل.
إنها خطوة تستحق كل الإشادة والتقدير، وتستحق أن تُدعم من جميع الجهات، لأنها بالفعل تشد من عضد القطاع الصحي، وتمنحه فسحةً أوسع من التنسيق والفاعلية. فالمستفيد الأول والأخير من هذا التكاتف هو المواطن العراقي، الذي يحق له أن ينعم بخدمات طبية أفضل، ورعاية صحية تليق بكرامته الإنسانية.
Z_alhilly@yahoo.com