لحظة غيّرت كل شيء
نوري جاسم
لم أكن أدرك أن الحياة قد تنقلب في لحظة.
لحظة لم تكن بطول دقيقة، بل أقصر من رمشة عين، لكنها حفرت في عمري عمقًا لا يُقاس.
كنت أمشي كعادتي، مثقلًا بالأيام، أحمل وجهي المألوف، وأجيد تمثيل «أنني بخير». لكنها نظرت إليّ… نظرة واحدة فقط. لم تقل شيئًا، لم تلوّح، لم تقترب… فقط نظرت. وفي تلك النظرة، تذكّرت كل ما كنت أنساه عمدًا.
تذكّرت من كنت، ومن أردت أن أكون.
رأيت وجهي الحقيقي، ذلك الذي أضعه على الرف كل صباح كي أتماشى مع العالم. تلك اللحظة لم تكن خارقة… لم يكن فيها ضوء من السماء، ولا صوت موسيقى درامية. كانت هادئة… بسيطة… لكنها مسّت شيئًا عميقًا في قلبي، شيء كان نائمًا منذ زمن. ومنذ تلك اللحظة، تغيّر كل شيء. تغيّرت نظرتي، طريقتي في الحديث، مشيتي حتى. وكأنني خُلقت من جديد، لكن هذه المرة على هيئة إنسان يُشبهني أكثر. ليست كل اللحظات متشابهة، وليست كلها تحدث صدفة. لكن بعضها، وإن بدا عابرًا… يغيّرك إلى الأبد.
اللهم صل على سيدنا محمد الوصف والوحي والرسالة والحكمة وعلى آله وصحبه وسلم تسليما ..