الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مصالحة الذات بداية الوصول

بواسطة azzaman

مصالحة الذات بداية الوصول

ساجدة جبار

 

في زحمة الحياة، كثيرًا ما ننشغل بالركض خلف النجاحات، وننسى أن النجاح الحقيقي يبدأ من داخلنا نحن. فكل طريق، مهما طال، لن يقودنا إلى غاية صافية ما لم نصالح ذواتنا أولًا. إن مصالحة الذات ليست ضعفًا، بل هي شجاعة. أن تجلس مع نفسك بصدق، وتفتش في زواياها، وتقرّ بما أخطأت، وتسامح ما فات، ثم تبدأ من جديد بقلب أكثر صفاءً وعقل أكثر وعيًا. هي لحظة مواجهة لا يستطيع كل إنسان أن يخوضها، لكنها وحدها تمنح السلام الداخلي الذي نفتقده وسط ضجيج الأيام. كثيرًا ما نظلّ نبحث في الخارج عن أسباب سعادتنا ونجاحنا، بينما تكمن البذرة الأولى لكل ذلك في داخلنا نحن. إنَّ الذات هي المرآة التي تعكس لنا الطريق، فإذا كانت مضطربة، فلن نرى الصورة واضحة، وإذا كانت متصالحة، انفتح أمامنا الأفق. إنَّ مصالحة الذات لا تعني الهروب من الأخطاء أو إنكارها، بل الاعتراف بها، وفهم دوافعها، ثم تحويلها إلى دروس. فهي لحظة صدق يواجه فيها الإنسان نفسه، ويعترف بضعفه كما يعتز بقوته، ويضع يده على جراحه لا ليبقى أسيرها، بل ليبدأ رحلة الشفاء منها. المتصالح مع ذاته لا يحمّل نفسه فوق طاقتها، ولا يغرق في جلدها، ولا يقارنها بالآخرين. بل يرى في كل تجربة درسًا، وفي كل عثرة خطوة تقرّبه من النضج، وفي كل فشل بداية جديدة. ومن هنا، يولد الاتزان الذي يجعله أكثر قدرة على التعامل مع الناس، وأكثر صبرًا على متاعب الطريق. إن الوصول الذي نبحث عنه — سواء كان نجاحًا، أو راحةً، أو سعادة — يبدأ بلحظة صدق مع النفس. لحظة نكفّ فيها عن الهروب، ونمدّ أيدينا لذاتنا المثقلة، فنحتضنها بدل أن نحاكمها. عندها فقط، نكتشف أن الطريق لم يكن خارجنا، بل في أعماقنا. فالمصالحة مع الذات هي المفتاح الأول، وهي الجسر الذي يقودنا إلى كل وصول.

 

 

 


مشاهدات 310
الكاتب ساجدة جبار
أضيف 2025/09/03 - 3:19 PM
آخر تحديث 2025/09/06 - 4:33 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 503 الشهر 4215 الكلي 11422088
الوقت الآن
السبت 2025/9/6 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير