فاتح عبد السلام
دخلت الأحزاب العراقية للعرب السُّنة الانتخابات السابقة تحت شعارات برّاقة ومدوية تخص حقوق المغيبين منذ عمليات تحرير المدن من تنظيم داعش في العام 2017، لاسيما أولئك الشباب بالمئات وربما بالآلاف الذين اختطفتهم “جهات” غير معروفة في معابر المدن خلال النزوح. ومرّت دورة انتخابية كاملة من دون ان تظهر نتيجة واحدة لتطمين أهالي المختطفين والمغيبين والمغدورين، لإقامة الحقوق الشرعية في الأقل للذين تأكد مقتلهم. ولا يسعى أهالي أولئك من أصحاب الجروح الغائرة في النفوس والتي لا أظن أنهم ستندمل بسنوات، أكثر من معلومات بسيطة وحقيقية عن الضحايا أمواتاً كانوا أو معتقلين. ولم يطالبوا يوماً بالاقتصاص من الجُناة، لسببين معروفين، أولهما انهم من الطبقات المسحوقة التي لا حول لها ولا قوة واذا برز لهم صوت ألصقت بمَن تبقى من أبنائهم تُهم الانتماء لداعش أو البعث، والسبب الثاني هو أنّ مَن يدّعي تمثيل العرب السُنة في البرلمان العراقي وسواه أضعف من أن يفتح فمه المليء بالصفقات الدسمة.
وجاء موعد الانتخابات الجديدة، ولا أدري كيف سيكرر بعضهم ذات الشعارات الفارغة في المطالبة بكشف الحقائق ورد الحقوق، فيما كل الأوراق مكشوفة والافق قاتم والخُدع لم تعد تنطلي على أحد.
انّ عمليات القتل الجماعي التي ارتكبتها أجهزة نظام صدام كانت عنواناً للمباشرة بمرحلة سياسية جديدة بدعم امريكي دولي لم يشهد العالم مثيلا له ابتدأت العام 2003. ويستحق أولئك الضحايا الانتصاف لحقوقهم، حتى لو كان الزمن قد تقادم كثيراً على تلك الاحداث.
اليوم، هناك صفحات مظلمة أخرى لا أحد يجرؤ على مكاشفة الشعب بها، لأسباب كثيرة، لكنها وقائع ماثلة وشاخصة، ستندفع الى السطح عند أقرب منعطف يدخل فيه البلد ، لاسيما اذا حدث عدم رضا أمريكي بشكل جدي على الوضع السياسي العراقي.
من السذاجة اعتقاد بعضهم في العراق ان أجهزة المخابرات الأجنبية التي دخلت البلد منذ العام 2003 وتعرف تفاصيل ما يجري، قد أغلقت عيونها عمّا جرى في تصفية آلاف الشباب بتُهم جماعية ذات أغراض معروفة، وهم الذين لم يصدقوا أنهم نجوا من بطش داعش وكانوا يظنون انّ هناك مَن سينقذهم.
سمعتُ من مصدر خارجي أظنه مهمّاً، انّه ستفتح الملفات في التوقيت المناسب من قوى أكبر من أهالي الضحايا العراقيين الضعفاء المقهورين مسلوبي الإرادة، لأنّ الحقائق التي تخص الدماء لن تطمس الى الأبد.