الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الشرق الأوسط بين حرب غزة ومؤتمر السلام

بواسطة azzaman

الشرق الأوسط بين حرب غزة ومؤتمر السلام

خالد محسن الروضان

 

صراعات وجذور ممتدة

يشكّل الشرق الأوسط، منذ بداية القرن العشرين، ساحةً مركزية للصراعات الجيوسياسية التي رسمت حدود دوله وهوياته السياسية. وقد كانت الحرب العالمية الأولى (1914–1918) نقطة التحوّل الكبرى، إذ أدّت إلى تفكك الإمبراطورية العثمانية وبدء مرحلة جديدة من الهيمنة الغربية، ابتدأت باتفاقية سايكس – بيكو (1916) وبلغت ذروتها في مؤتمر فرساي (1919)، الذي أضفى الشرعية على هذا التقسيم، ونصّب الحكام، ورسم الحدود بدمٍ لا بالحبر.

خديعة سايكس – بيكو: بداية الانكسار العربي

اتفاقية سايكس – بيكو مثّلت صدمة للعرب الذين اعتقدوا، بناءً على مراسلات مكماهون، أنهم شركاء في تقرير مصيرهم. لكن الحقيقة أن تلك الوعود كانت واجهةً لخداع استراتيجي مهّد لزرع الكيان الصهيوني. وكان تصريح بلفور (1917) تتويجًا لهذا المخطط، بدعم من لوبيات صهيونية داخل بريطانيا وخارجها، ومباركة نخب غربية متعاطفة مع "القضية اليهودية"، ما جلب الويلات لفلسطين وشعبها حتى اليوم.

الشرق الأوسط الجديد: من برنارد لويس إلى بايدن

من أبرز منظّري مشروع تفتيت الشرق الأوسط كان برنارد لويس، المؤرخ البريطاني الأمريكي اليهودي، الذي حذّر من تحالف ثلاثي قوي يضم العراق، إيران، والسعودية، باعتباره قادرًا على التحكم بربع احتياطي النفط العالمي. ومع انضمام دول مثل مصر وتركيا لاحقًا، بات مشروع "الشرق الأوسط الجديد" ضرورة استراتيجية أمريكية.

منذ إعلان قيام إسرائيل عام 1948، تبنّت الولايات المتحدة سياسة دعم مطلق للكيان، وسعت لتفكيك الأنظمة العربية وجيوشها. من حرب الخليج، إلى الربيع العربي، إلى احتلال العراق، كانت كل هذه المحطات أدوات لتكريس التفوق الإسرائيلي وضمان تفتيت المنطقة.

تصريح بايدن الصادم:
"لو لم تؤسس الصهيونية دولة إسرائيل، لأقمنا نحن في أمريكا دولة إسرائيل."

إيران: العدو المؤجل قبل الحرب الكبرى

بعد ثورة الخميني 1979، تبنّت إيران سياسة "تصدير الثورة"، وسعت لبناء محور نفوذ طائفي يمتد من العراق إلى اليمن. وجاءت حرب إيران – العراق، والتي وصفها صدام حسين بأنها "خدعة كبيرة"، لتُحوِّل الصراع من قومي إلى طائفي، بما يخدم الاستراتيجيات الأمريكية والإسرائيلية.

سياسات الفوضى الخلاقة، التي أعلنتها كونداليزا رايس، فتحت المجال لتعزيز الهيمنة الإيرانية، خاصة بعد احتلال بغداد في 2003.

واليوم، تأتي حرب طوفان الأقصى (2023) ضمن خطة أمريكية إسرائيلية محتملة لضرب حزب الله، تفكيك حماس، إنهاء الأسد، وشل الحوثيين، في خطوة جديدة لرسم خريطة الشرق الأوسط من جديد.

كسنجر... والنبوءة الأخيرة

قبل وفاته، توقّع هنري كيسنجر أن تكون إيران الهدف الأول لضربة كبرى، قبل اندلاع حرب عالمية جديدة، في ظل انشغال روسيا في أوكرانيا وصعود الصين. وكانت خريطة نتنياهو الأخيرة، التي غابت عنها فلسطين وألحقت الأردن والضفة الغربية بإسرائيل، إعلانًا واضحًا عن مشروع إقليمي جديد وخطر.

محاولة التوازن... هل هناك أمل؟

وسط هذا المشهد القاتم، برزت جهود دولية بقيادة السعودية، فرنسا، مصر، والأردن لعقد مؤتمر سلام شامل، يهدف إلى إقامة دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية.

لكن يبقى التحدي الأكبر هو إيقاف النزيف السياسي والدموي، ورفض الانصياع لمشاريع الهيمنة التي تستنزف شعوب المنطقة، وتحول الشرق الأوسط إلى رقعة شطرنج تخدم فقط مصالح القوى الكبرى.

بين الحرب والسلام

بين نار الحروب وبارقة الأمل في السلام، يبقى الشرق الأوسط جرحًا مفتوحًا في الجغرافيا والسياسة. وما لم تتحرك الشعوب والنخب الواعية لإعادة رسم مستقبلها بوعي مستقل، ستبقى المنطقة رهينة المشاريع الخارجية وخرائط الدم.

 


مشاهدات 107
الكاتب خالد محسن الروضان
أضيف 2025/08/02 - 2:03 AM
آخر تحديث 2025/08/02 - 11:50 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 375 الشهر 1110 الكلي 11276196
الوقت الآن
السبت 2025/8/2 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير