الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
خور عبد اللـه بين السكوت والشارع

بواسطة azzaman

خور عبد اللـه بين السكوت والشارع

ضرغام القاضي

 

الحاضر يعيد الماضي… لكن هذه المرة بمرارةٍ أشد وجرحٍ أعمق. في ظل الضغوط السياسية المتزايدة، والأزمات الاقتصادية المتلاحقة، والتدهور الواضح في الموقف الرسمي العراقي، يعود ملف خور عبد الله إلى الواجهة من جديد، لا كقضية حدودية عابرة، بل كرمزٍ صارخ للتفريط بالسيادة الوطنية.لم تعد المسألة مجرد رسم حدود على ورق، بل تحولت إلى صراع وجودي في وجدان العراقيين. ففي الوقت الذي يُشاهد فيه المواطن العراقي وهو يُمنع من الصيد في مياه لطالما كانت له، وتُقيّد حركته في موانئ البصرة، يواصل الجانب الكويتي فرض الأمر الواقع، مطالبًا بالمزيد من الترسيم والتثبيت، وكأن السيادة تُنتزع بالصمت والضغط لا بالقانون والحق.الغاضبون في الشارع لا يتحدثون عن “اتفاقيات” بقدر ما يتحدثون عن “خيانة مكررة”. يرون في ما يجري اليوم استمرارًا لسلسلة طويلة من التنازلات الرسمية التي بدأت بالنفط، وها هي اليوم تصل إلى المياه، وغدًا… من يدري؟ ما الذي سيبقى من العراق إن استمر هذا الانبطاح باسم “الدبلوماسية” الزائفة؟ في ظل صمت المسؤول، وتلعثم السياسي، وتواري المفاوض خلف الأبواب المغلقة، يرتفع صوت الشارع العراقي عاليًا:

خور عبد الله عراقي… ولن يكون غير ذلك!”

هذا الشريان البحري، الذي لطالما كان المتنفس الوحيد لمحافظة البصرة، تحوّل اليوم إلى عنوان لخيانة سياسية مرفوضة. الحكومات تتعاقب، والخرائط تُعدّل، لكن سيادة العراق ليست ملكًا شخصيًا يُفاوض عليها خلف الكواليس. خور عبد الله ليس صفقة، بل قضية سيادة وهوية وكرامة، ولا يُمكن التعامل معه كملف إداري أو فني يُسلم من حكومة لأخرى.ما يجري من صمت رسمي تجاه التعدي الكويتي الممنهج هو إهانة لدماء الشهداء الذين دافعوا عن هذه الأرض، وهو استخفاف بإرادة شعب عُرف بالصمود في وجه الغزاة والمحتلين. الاحتجاجات، الهتافات في الملاعب، التغريدات الغاضبة، خطب الجمعة في المساجد، كلها تنطق بصوت واحد لا يقبل التأويل:“لن نفرّط بشبرٍ من تراب الوطن… خور عبد الله خط أحمر.”

لقد قاوم هذا الشعب الإرهاب وانتصر، وحرر أرضه شبرًا شبرًا من براثن داعش. فكيف له اليوم أن يقبل بتسليم ممره البحري الوحيد بصمت وخضوع؟ أين صوت الدولة؟ أين موقف البرلمان؟ أين الشرفاء من أصحاب القرار؟خور عبد الله هو اختبار جديد لوطنية القرار العراقي… فإما أن ينتصر صوت الشعب، أو تُكتب صفحة سوداء أخرى في سجل الخنوع السياسي. وعلى الحكومة أن تدرك جيدًا: السيادة لا تُقايض، والكرامة لا تُساوم.

 

 


مشاهدات 73
الكاتب ضرغام القاضي
أضيف 2025/08/02 - 1:17 AM
آخر تحديث 2025/08/02 - 11:23 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 346 الشهر 1081 الكلي 11276167
الوقت الآن
السبت 2025/8/2 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير