اغتيال
هدى جاسم
منذ ان ادركت ان العالم حولها ليس مجرد اغنيات واحلام وامنيات تتحقق، قررت ان تلحق بخطوات من حولها وتسابق الزمن كي تبني لها دارا يتوسطه وتد يصعب على الريح ان تقلعه .
وضعت اغاني صباحات فيروز وامنيات كانت تحلم بها على الرف القريب من وسادتها وامسكت باول خيوط الحلم وراحت تشبك خيوطه لتخيط ملابسها وتعلقها في دولاب سيتوسط غرفة ذات يوم في بيت صغير تنام في احد اركانه دون ان يطرق بابها محتل او مختل بثياب عابر سبيل ، ورغم انها كانت في اول الطريق لكن حلمها كان كبير وخطواتها تشبه خطوات مارد يحقق الاحلام بقوة الارادة .كانت تدرس وتعمل وحصلت اثناء عملها على شهادتها الجامعية ، قلبها كان يخفق لكل من يمر ويحتاج الى اي مساعدة تمد يدها لتساعد باخر ماتبقى من رغيف الخبز الذي تملكه ، الجميع كان يعتقد انها من الاغنياء وان الاموال التي تنفقها لابد انها من ارث عائلتها ، لكنها وحدها كانت تعرف انها تنفق اخر ماتملك من مرتبها على من يطلب بحب ودون ان تطلب ارجاعه منهم ومع الوقت كانت خزائن عطائها تكبر والتعويض اكبر من الله .مع الوقت مر بها عابر صورته كانت تشبه صورة وتد رسمته في احلامها ، وكعادتها منحت الامان لاحلامها القديمة وهي ترسم بيت وشاطئ وباب يوصد على الفرح ، كبرت احلامها ووضعت في بيتها الصغير كل امانيها ، علقت ملابسها المصنوعة من خيوط تشبه الذهب في دولابها وسط غرفة علوية لها شرفة كانت تحلم ان تجلس فيها وهي امرأة كبيرة في السن ،تطل من خلالها على العالم الخارجي لتروي لهم كيف انها صمدت لتصنع كل تلك الاحلام والشرفات .تلفتت حول نفسها لم تجد ملابسها المصنوعة من خيوط الذهب ولا شرفتها ولا الاسطوانة القديمة التي تحتفظ بصوت فيروز ، وعندماافاقت من احلامها وجدت ان الوتد مجرد شجرة موصولة بماض منخور من الديدان لا تستطيع ان تستند عليه فتقع على الارض ، عندها قررت ان تصنع وتدا من بلور شفاف ترى من خلاله بوضوع كل احلامها وهي تكبر وتجعل منه صلبا لاتكسره الريح وان اشتدت ، انه وتد تأريخها باولادها واحفادها وبعض من اغنياتها التي احبت ، وان لا تسمح لاحد ان يغتال انسانيتها .