فلان ابن فلان التكريتي الساعدي
عادل سعد
ما زلت احتفظ في ذاكرتي مسعى احد العراقيين الى استثمار اللقب العشائري لمصلحةٍ شخصيةٍ ليس لها أية علاقةٍ بمؤهلات جديرة بالتقدير .
•لقد كان يتحرك بدالة ضعف حضوري حين زارني نهار أحد ايام الثمانينات من القرن الماضي بمقر عملي رئيسا للقسم السياسي بمجلة (الف باء) .
•كان يصطحب مقالاً يأمل نشره بالمجلة ، وحين قرأت المقال وجدته مفككاً وهزيلاً لا يستحق النشر فاعتذرت له ، لكنه حاول ان يجر الحديث بيننا على امل ان يقنعني لكي أعيد النظر بقراري
• قال لي بالحرف الواحد (استاذ عادل ،انا تكريتي من البيجات ، وذكر لي بعض اسماء تكارته معروفين زعم انهم أقاربه ، وانه ولد في بغداد مبرراً لهجته الخليط بين الوسط والجنوب العراقي .
•من هذا السرد الالتفافي شعرت إنه يسعى الى ابتزازي فقطعت الفرصة عليه ، قلت له ( كل اهالى تكريت بدون أستثناء على راسي وعيني ، انا بأنتظار ان تجلب لي مقالاً آخرَ يصلح للنشر) ، فأخذ مقاله وخرج بحركة مسرحية هزيلة ، ومرت الايام لأشاهده بعد عام 2003 بالصوت والصورة ، فلان ابن فلان الساعدي مدعياً انه من أعيان هذه القبيلة الجنوبية العريقة ، ترى كم حقق من اهدافه حتى الان تحت غطاء اللقبين ، التكريتي، والساعدي
•ربما لم يسعفه الحظ في الحصول على حظوة كبيرة على غرار ما جرى معي ، لكني اجزم انه لجأ الى أحد دكاكين (النسّابة ) وصنع له شجرة يعود جذرها إلى احد فروع السواعد بعد ان صارت( أشجار) العوائل والانتماءات العشائرية رصيداً جاهزاً يباع ويشترى بسهولة أقتناء رصيد ( موبايل )
•على اي حال ، ،بالتشخيص الدقيق ، كل الذين يتعكزون على انتماءاتهم العشائرية بمناسبة وبغير مناسبة يعانون حتماً من متلازمة فقر الجاه يخففونه بهذا النوع من التعكز .
• لقد وضع الامام علي ابن أبي طالب عليه السلام القاعدة الذهبية لقيم المفاخرة والاعتداد المشروع عندما قال ، ( ليس الفتى من قال كان ابي - ان الفتى من قال ها انا ذا).
•في السياق السوسيولوجي ، حرر الفيلسوف الصيني كونفشيوس أهتمامه من متلازمة المحسوبية الضيقة حين ناشد احد الاثرياء من اصحاب الاطيان طالبا مساعدته بتعيين مواطن بوظيفة راعي اغنام .
•لم يقل كونفيشوس في مناشدته الى ذلك الثري سوى جملة (اوصيك به إنه ابن ألانسان ) ، حاسماً الموقف لصالح الانتماء الارقى والاشرف منزلةٍ .
•أنني إذ استذكر ذلك تُشعرني بالاشمئزاز موجات الترويج العشائري المتصاعدة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المقبلة .
•هناك الان تعبئة في النسب والأنساب وشحذ للاستقطابات القبلية على أمل شراء المزيد من الأصوات الى جانب ما يفعله المال السياسي المبذول الذي يغدقه مرشحون مختصون في متلازمتي النهب والاستحواذ .
• تصدمك ضغوط البيع والشراء في المواقف، ويصدمك تعدد الولائم واتساع الهدر في الطعام .
•هناك ارقام قياسية من مزاعم المفاخرة ووعود العسل والسمن ،
• في هذا النوع من التجارة السياسية الموسمية ،يتبادل البعض انخاب اللبن والتمر على ايقاعات ( القسم بالطلاق ) بشان الذي يصير والذي لايصير ، والى ان تنجلي صناديق الاقتراح يكون العراق قد دفع ضريبة أحتيال اخر .