الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الإنتخابات إلى أين؟

بواسطة azzaman

الإنتخابات إلى أين؟

علي حسين رداد

 

حين تتحول الديمقراطية إلى دراجة لا يجب أن تتوقف منذ أكثر من عقدين والعراقيون يتجهون إلى صناديق الاقتراع، يضعون أصابعهم في الحبر البنفسجي، حاملين أمالا بحياة أكثر عدلا وكرامة لكن شيئًا ما ظل عالقا في الطريق، شيئًا يجعل التجربة الديمقراطية تدور في حلقة مفرغة، مثل دراجة لا يجب أن تتوقف كي لا تسقط.

فهل نحن أمام خلل في البنية؟ أم في الفكرة؟ أم في المتلقي؟

هذا المقال يحاول أن يغوص في عمق الأزمة، من النشأة السياسية التي صممها المحتل، إلى تشكل الولاءات الضيقة، مرورًا بدوائر الانتماء التي سحبت المواطن من عمق الوطن إلى ضفاف الهويات المتنازعة.

فإلى أين تمضي الانتخابات العراقية؟ وهل لا يزال هناك أمل في تصحيح المعادلة قبل أن تتآكل التروس كلها؟

ليست الانتخابات البرلمانية أو انتخابات مجالس المحافظات في العراق مجرد إجراءات ديمقراطية روتينية، بل هي جزء من عملية سياسية معقدة نشأت في ظل الاحتلال، وما تزال آثارها ماثلة في تفاصيل الواقع السياسي والاجتماعي. هذه العملية أفرزت بيئات محلية وإقليمية ودولية تتداخل مصالحها وتؤثر على الداخل العراقي، سواء عبر الدعم المحدود أو غير المحدود، وهو ما أنتج تمحورات سياسية غير مستقرة، تندمج أحيانًا وتتشظى أحيانًا أخرى.

يمكن القول إن الديمقراطية في العراق لا تزال في مرحلة الطفولة رغم مرور أكثر من اثنين وعشرين عامًا على انطلاقها. ويعزى ذلك إلى قوة التجاذبات التي تحيط بالمواطن من جهة، ومستوى وعي المواطن بالعملية الديمقراطية من جهة أخرى، حيث يلعب الجهل – المركب حينا والمقدس حينا آخر - دورًا بارزًا في ترسيخ مواقع القوى السياسية وإيقاف عجلة التغيير.

بدلا من التركيز على متطلبات الحياة الكريمة والحرية والرفاهية تحولت اهتمامات بعض الناخبين إلى قضايا وهويات فرعية، وظهرت ثوابت جديدة غيّبت الهدف الأسمى من العملية الديمقراطية. وفي ظل هذا الواقع، أصبح بعض السياسيين كراكب الدراجة الذي يحتاج إلى التحرك المستمر كي لا يسقط، فتراهم يحركون العملية السياسية من خلال تروس معقدة تتشابك مع تروس أخرى مقابلة، مما يبقي الوضع على ما هو عليه.

العملية السياسية بنيت على أسس هندسها المحتل، ومع مرور الوقت تحولت إلى هيكل ثابت تتفرع عنه دوائر انتماء متعددة: دولية، إقليمية، مذهبية، دينية، طائفية، قبلية، وعشائرية. وداخل هذه الدوائر، تشكلت الأحزاب السياسية التي تتخادم معها وتعيد إنتاج نفسها باستمرار، مما خلق دوامة من المتاهات تحيط بالمواطن وتشتت وعيه وتبعده عن الأهداف الحقيقية للديمقراطية. الرهان الحقيقي اليوم هو رفع مستوى وعي المجتمع، لا سيما الناخبين، بما يضمن كسر هذه الحلقة المفرغة. غير أن المشكلة تكمن في أن بعض السياسيين مستعدون لركوب أي موجة جديدة وحرف اتجاهها لخدمة مصالحهم، مما يعيدنا إلى نقطة الصفر. وكما في الرياضيات، فإن الخطأ في أول خطوة من الحل يؤدي حتما إلى نتيجة خاطئة، مهما كانت العمليات التالية صحيحة. لأجل تصحيح المسار، لا بد من اعتماد أحد مسارين - أو كليهما معا، وهو الخيار الأفضل

الأول، يتمثل في تصحيح الخطوة الأولى عبر إعادة صياغة العملية السياسية المعقدة التي نشأت في ظل الاحتلال، وذلك من خلال تعديل الدستور. أما الثاني، فيتعلق برفع وعي المواطن وإدراكه لدوره في رسم معادلة الحكم وصناعة المستقبل، وهو ما يستلزم مشروعًا وطنيًا واعيًا، يتجاوز الولاءات الضيقة، ويضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.

 

 

 


مشاهدات 73
الكاتب علي حسين رداد
أضيف 2025/07/10 - 12:57 AM
آخر تحديث 2025/07/10 - 6:32 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 231 الشهر 5715 الكلي 11159327
الوقت الآن
الخميس 2025/7/10 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير