في افريقيا تكثر حيوانات النو ،وهي شبيه بالبقر ،ولكنها تتمتع برشاقة القوام ، وكل قوتها ودفاعها يكمن في قوائمها وسرعة الجري .وهي حيوانات تجوب افريقيا بحثا عن الماء والكلأ ، وتتنقل بقطعان كبيرة وتكمن قوتها وسر بقائها وديمومة حياتها على القيادة الحكيمة للقطعان ،فهذه القيادة هي التي تجنب العشيرة من مخالب وأنياب الحيوانات المفترسة من الأسود والضباع وكلاب البراري المتوحشة والتماسيح اثناء عبور ممرات الأنهار ،.
تعتمد القيادة على ستراتيجية حكيمة جدآ ،فترى قائد القطيع تحيط به نخبه من الأبقار الأكبر سنا ومن الذين خبروا دروب الهجرة ومسالكها عدة مرات ،فتراهم يشاورون القائد وينصحونه بهمهات مستمرة لغرض تعديل المسارات الخطرة .
وكما تعتمد هذه الحيوانات على حواس الشم وتحسس مسارات الهواء لتجنب الوقوع في مصائد الحيوانات المفترسه، ويقسم القطيع الى عدة قطاعات ،قلنا ان القيادة والحكماء في الأمام لرسم سياسات ومسارات التنقل الآمن ،وفي الوسط تسير الحوامل والولادات الحديثة،خلفها مجموعة نشطة وقوية قادرة على الاشتباك مع الأعداء ،وبينهما الحيوانات الضعيفة والمريضة ليتم تقديمها اضحيات ليتلهى بها المفترس انقاذا لكامل القطيع من الافناء والدمار .
وعند المرور بتقاطعات المياه ،يتم دفع الضعفاء للعبور أولا والذي يتعثر منهم يكون طعمه للتماسيح وأثناء انشغال التماسيح بالصراع يتم عبور اكبر عدد ممكن من القطيع الى بر الأمان ،ان اهم عامل من عوامل بقاء تلك القطعان هو ليس امتلاكها أنياب قاتله ولا مخالب جارحة ،كل قوتها تكمن في القيادة الحكيمة والتشاور مع اهل الخبرة والدراية ،وتوزيع مكامن القوة وحماية نقاط الضعف ،ثم التضحية بالقدرات الواهنة من أجل بقاء واستمرارية ديمومة الحياة لبقية أبناء القطيع ،العجيب ان هذه الحيوانات البرية يطلق عليها صفة البهائم ،في حين أن هنالك قادة مجتمعات وشعوب اوردوا شعوبهم مهاوي الردى والجوع والاضطهاد ،وتطلق عليهم صفات هي اقرب لصفات الربوبية وهم أدنى من مرتبة البهائم بل أضل سبيلاً ، يا حبذا لوكان لدينا قيادات بحكمة ودراية بهائم النو, والمشتكى لله الواحد القهار.