مستقبل النظام الدولي
خالد حمزة المعيني
( في ضوء حروب أوكرانيا ، غزة ، والحرب الإسرائيلية - الإيرانية)
اذا كان المقصود ، بالبنية الفوضوية للنظام الدولي هو غياب سلطة دولية (ما فوق الدول) او مؤسسات دولية للضبط ، وظيفتها (الحل أو الحد او الحيلولة دون ان يؤدي تعارض مصالح الدول المتضاربة الوصول الى نقطة الصدام العسكري ، كما في وظيفة (عصبة الأمم) بعد الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918) والتي فشلت كمؤسسة ضبط دولي دون الحيلولة في قيام الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945) والتي تشكلت على أثر خسائرها البشـرية الهائلة (الأمم المتحدة) كحكومة عالمية من خلال مجلس الامن وابواب الميثاق (السادس والسابع) لمنع أي تهديد للأمن والسلم الدوليين ، فأنه من الواضح على ضوء حروب (أوكرانيا 2020 ، غزة 2023 ، الحرب الإيرانية – الإسرائيلية 2025) ان الأمم المتحدة باتت مؤسسة عاجزة ومشلولة كلياً في ضوء تحكم الدول العظمى ، وباتت هياكلها متخلفة عن طبيعة متغيرات ومستجدات التحديات الدولية وغير قادرة على منع او تفادي قيام حروب فيها خروقات جسيمة للقانون الدولي، و يمكن بهذا الصدد تشبيهها بما آل اليه دور جامعة الدول العربية (كمنظمة إقليمية).
مما تقدم فإن طبيعة النظام الدولي في طريقه (في ظل شلل وعجز مؤسسات الضبط الدولية القائمة ((الأمم المتحدة، محكمة العدل الدولية ، المحكمة الجنائية الدولية)) وفي ظل بـروز قوى فاعلة من غير الدول تستطيع تعظيم قوتها عبر تكنولوجيا السلاح المطعمة بالذكاء الاصطناعي رغم انها دول صغيرة او مجموعات متطرفة أو ربما حتى افراد ، فأن النظام الدولي في ظل هذه المتغيرات قد يهبط باتجاه بنية دولية (فوضوية) وبحالة من السيولة وعدم اليقين لا يمكن بدقة التنبؤ بنتائجها او حسابها بدقة كما كان هذا الحال سابقاً من خلال قياس عناصر القوة الملموسة وغير الملموسة للدول كوحدات تشكل النظام الدولي حصرياً .
من الواضح ان النظام الدولي يسير بقوة باتجاه معادلة توازن القوة ، حيث ستتحكم القوى العظمى بالمشهد العالمي القادم ، وتدير مصالحها وفق هذه المعادلة في حين سيضمحل دور مؤسسات الضبط الدولية كالأمن المتحدة وملحقاتها ويضمحل تدريجيا (مبدأ تساوي الدول وسيادتها في ظل ميثاق الأمم المتحدة).
□ مدير مركز دجلة للدراسات والتخطيط الاستراتيجي