تشكيلية مصرية لـ(الزمان): الفن سلاحي للبقاء
بغداد - كاظم بهيّة
وصفها محبوها بفراشة الإسكندرية”، وهي الفنانة التشكيلية والمهندسة المصرية باسنت نويصر، التي جمعت بين ريشة الفنان ودقة المصمم، بين عالم الديكور المنظم وعوالم الطبيعة المنفلتة في لوحاتها. وهي ابنة مدينة الإسكندرية، وخريجة كلية الفنون الجميلة – قسم الديكور، التي شغفت بالرسم إلى جانب عملها في مجال التصميم الداخلي. وفي حديث خصّت به جريدة الزمان، أكدت نويصر أنها بدأت رحلتها الفنية منذ الطفولة، حيث كانت ترسم وتُهيّئ لوحاتها باندفاع تلقائي حتى لاقت التشجيع من الأهل والأصدقاء، مما دفعها للمشاركة لاحقاً في العديد من المعارض المحلية والدولية. وقالت: “لقد بدأت الرسم منذ الصغر، وكنتُ أتمتع بإتقان ودقة جمالية واضحة، وهو ما دفعني للالتحاق بكلية الفنون الجميلة لصقل موهبتي. وقد تشرفت لاحقاً بالعمل والتدريب مع كبار المهندسين أثناء تنفيذ مشروع سان ستيفانو بالإسكندرية، وهو ما أتاح لي تجربة عملية ناضجة، ثم عملت بعده في عدد من المكاتب الهندسية كمهندسة ديكور، غير أن شغفي بالفن ظل يتنامى داخلي ويقودني للتطوير الدائم لموهبتي.” وعن العلاقة بين الرسم والديكور، أوضحت نويصر أن التخصصين يكملان بعضهما البعض، مشيرة إلى أن: “الرسم والديكور معاً يهيئان جوّاً جمالياً متكاملاً يقوم على أسس علمية مدروسة، فأنا أرسم اللوحات الفنية، ثم أختار ما يتناسب مع ألوانها في ديكور المكان، ليصبح كله متناغماً ومتوافقاً في أبهى صورة.” وحين سُئلت: هل تجد نفسها أكثر في الرسم أم في الديكور؟، أجابت بثقة: “أحب الاثنين معاً، فأنا أرى أن الفن هو اتصال وثيق بين الروح والحياة، وتوثيق لهذا التفاعل على هيئة تعبيرات فنية مبدعة، تعكس مشاعر الإنسان وأحاسيسه، وكلما ارتقى الفنان بإحساسه، اقترب أكثر من خلق هوية بصرية قادرة على التعبير والتأثير.” وكشفت نويصر عن أن المناظر الطبيعية هي موضوعها المحبّب، قائلة: “دائماً ما يكون هاجسي في اللوحة هو تصوير الطبيعة، لما تثيره فيّ من سكينة وسلام داخلي، فالجمال الخلاب للطبيعة يصلني إلى عمق الإحساس بالتوازن والطمأنينة.”
وأبدت احترامها للفنانين داخل مصر وخارجها، مؤكدة: “أحب وأحترم جميع الفنانين والفنانات في مصر والعالم العربي والأوروبي، فلكلٍ أسلوبه الذي يقدّم به نفسه للعالم من خلال فنه وإبداعه.” واختتمت باسنت نويصر حديثها برسالة فنية عميقة قالت فيها: “أرى أن الفن سلاح للبقاء، وأداة لترسيخ حضارتنا والارتقاء بالذوق العام. فلنُتقن الفن بكفاءة، تخليداً لعطائنا وإثراءً لحركة الفن التشكيلي.”وهكذا تمضي باسنت نويصر في طريقها بين عالمين متداخلين، حيث تلتقي هندسة الخط والمساحة مع رهافة اللون والظل في نقطة إبداع واحدة.
ويظل الفن التشكيلي بالنسبة لها ليس مجرد شغف، بل هو امتداد لفلسفة التصميم ذاته، حيث الجمال يتجسد في كل تفصيلة مدروسة. وتمنحها الهندسة أدوات الدقة، فيما يمنحها الفن طاقة التعبير، فتمزج بين العلم والإحساس بوعي بصري ناضج. وتؤمن أن كل لوحة هي مخطط روح، وكل مساحة مصممة هي ساحة شعور، وأن الاثنين لا ينفصلان في تجربتها الشخصية. وترى أن التشكيل حين يلتقي بالهندسة، يخلق بعداً جديداً للعين والعقل، ويضيف للذوق العام ما يتجاوز الوظيفة إلى المعنى. وتأمل أن تستمر في هذا المسار المركّب، حيث تترك أثراً يليق باسم الفن، ويرتقي بفكر التصميم.