الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ترامب بين شبح الحرب وضرورات الردع..  قراءة في ميزان المواجهة مع إيران

بواسطة azzaman

ترامب بين شبح الحرب وضرورات الردع..  قراءة في ميزان المواجهة مع إيران

همام السليم

 

في كل مرة تلوح فيها بوادر تصعيد بين واشنطن وطهران، يعود الحديث مجددًا إلى عقيدة الردع الأمريكية: متى تستخدم الولايات المتحدة القوة؟ ومتى تلوّح بها فقط؟ وما الذي يميز إدارة دونالد ترامب عن غيره من الرؤساء في هذا السياق الحرج؟

طالما سعت الولايات المتحدة إلى تحقيق الردع دون الانزلاق إلى الحرب، لكنها لم تتردد في استخدام القوة عندما يُعتبر أمنها أو أمن حلفائها الحيويين في خطر.

السيناريوهات المحتملة

  لفهم الخيارات المطروحة اليوم، لا بد من العودة إلى الجذور الفكرية التي شكّلت سياسة الردع الأمريكية، بدءًا من عقيدة مونرو، مرورًا بمبدأ كارتر، ثم بوش، وصولًا إلى ترامب. هذه العقائد، وإن اختلفت في السياق، تتقاطع في ثلاثة مفاهيم مركزية:ـ الهيمنة البحرية، التفوق الجوي، وشرعنة استخدام القوة عند الضرورة الأخلاقية أو الأمنية.

1. الردع الممدد عبر الحافة (Extended Deterrence with brinkmanship)

هذا السيناريو ذو احتمالية عالية – المدى القريب؛ إذ ان  ترامب سيواصل التهديد واستخدام القوة بشكل رمزي (مثل نشر قاذفات B-52 أو تحليق MQ-9 قرب الأجواء الإيرانية) لإبقاء إيران على حافة المواجهة.

هذا يتماشى مع عقيدة «القوة من موقع الرفض» (Power from refusal posture)، التي ميّزت الرؤساء الشعبويين مثل نيكسون وترامب، ولكن مخاطر هذا المشهد تكمن في تصعيد غير متعمد، أو مبادرة إيرانية استباقية بضرب أهداف أمريكية في الخليج.

2. الضربات المحدودة لمواقع استراتيجية داخل إيران

ذو احتمالية متوسطة – مرهونة بتطور الهجمات، من خلال تنفذ ضربة محدودة (Targeted Strike) على منشآت نووية أو صاروخية في فردو أو أراك أو خرم آباد، أهدافها: كبح الردع الإيراني، منع إسرائيل من الدخول وحدها في مواجهة شاملة.

ونجد بهذا النموذج مرجعية تاريخية: تتمثل بنموذج «عملية عشب النيم» (Praying Mantis 1988) أو ضرب مطار الشعيرات في سوريا 2017.

وهذا ما يميز عقيدة ترامب: الضربات المحسوبة التي تحقّق نصرًا إعلاميًا دون مستنقع ميداني، تعكس مبدأ «لا حروب طويلة... فقط رسائل قاسية» (No Endless Wars, but Show of Force).

3. عدم التدخل العسكري المباشر مع تصعيد الدعم لإسرائيل

احتمالية هذا المشهد مرتفعة – في حال انضباط إيران في ردودها، ويتم من خلال مشاركة استخبارية وتقنية، وتزويد إسرائيل بأنظمة اعتراض إضافية (THAAD، Patriot، أو حتى Iron Beam).

لتفعيل منطق «التوكيل بالإسناد» (Delegated Deterrence)، الاستراتيجي كما حدث مع أوكرانيا.

وبذلك يحفظ صورة أمريكا القوية دون الزج بقواتها، ويخدم ترامب داخليًا وهو يستعد للانتخابات.

4. الحرب المفتوحة متعددة الجبهات

احتمالية هذا السيناريو منخفضة – لكنها موجودة إذا تجاوزت إيران الخطوط الحمراء.

ويتم من خلال انخراط شامل أمريكي في حرب تشمل ضربات جوية مكثفة، وربما عمليات إنزال محدودة، وفرض حصار بحري، بعد وقوع انفجار مُحفّز: مثل ضربة إيرانية قاتلة على حاملة أمريكية أو سفارة، أو هجوم نووي/كيميائي غير تقليدي.

تاريخيا نجد لهذا الخيار نموذج مرجعي في «عاصفة الصحراء» 1991، أو الأيام الأولى من غزو العراق.

وقدر تعلق الامر بعقيدة ترامب فإن هذا السيناريو يتعارض مع صورته كمنقذ من الحروب، لذا سيكون خيارًا اضطراريًا فقط إذا فُرض عليه كـ «رد كرامة».

الخلاصة:ـ القرار بيد ترامب... لكن الدوافع مقيدة.

ترامب لا يريد حربًا تُضعف فرصه في الانتخابات، لكنه أيضًا لا يستطيع أن يظهر بمظهر الضعيف، المرجح أن يلعب لعبة «الحافة» مع إيران، ويناور بخيارات الدعم الذكي لإسرائيل، اما المشاركة المباشرة ستكون آخر الخيارات، وتُبنى فقط على قاعدة «إجبار سياسي أو كارثة مفاجئة»

ومن هنا فإن لعبة الحافة، والتصعيد المدروس، والدعم الذكي لإسرائيل، ستكون هي القاعدة أما المشاركة العسكرية المباشرة فستظل آخر الأوراق، ولن تُستخدم إلا تحت ضغوط قاهرة أو كوارث مفاجئة.

 كاتب ومختص في الفكر الاستراتيجي الأمريكي


مشاهدات 151
الكاتب همام السليم
أضيف 2025/06/22 - 4:24 PM
آخر تحديث 2025/06/24 - 2:34 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 149 الشهر 14992 الكلي 11149646
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/6/24 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير