فعاليات ثقافية متنوّعة في جمعة المركز الثقافي البغدادي
رحلة في عمق التاريخ وتوقيع تحت شجرة البريوزكا
بغداد - ياسين ياس
فعاليات ثقافية متنوعة ضيفها المركز الثقافي البغدادي صباح امس الاول ، وفي موضوعنا هذا نقف عند بعض منها ، اذ شهدت قاعة حسين علي محفوظ في المركز محاضرة علمية قدمها الباحث محمد صالح محمد، استعرض فيها مضمون كتابه الجديد المعنون (خيبر المدينة والغزوة– دراسة جغرافية تاريخية) وسط حضور نوعي من الأكاديميين والمثقفين،تطرقت المحاضرة إلى دراسة شاملة لمدينة خيبر الواقعة شمال غرب المملكة العربية السعودية، والتي تبعد نحو 170 كم عن المدينة المنورة وتحظى بأهمية جغرافية وتاريخية بالغة حيث تتكون من حرة تغطيها الحجارة السوداء ما يجعل السير فيها شاقًا باستثناء بعض الطرق المخصصة، وتُعد حرة خيبر من أكبر حرار الجزيرة العربية بعد حرة بني سليم.وبيّن صالح أن (هذه الطبيعة الجغرافية منحت خيبر موقعًا دفاعيًا محصناً حيث حالت وعورة المسالك وانخفاض الأراضي المحيطة بها دون اختراقها بسهولة عبر التاريخ، وهو ما انعكس بشكل مباشر على مجريات الغزوة الإسلامية الشهيرة في بدايات السنة السابعة للهجرة التي خاضها المسلمون ضد اليهود المتحصنين في قلاعهم المحصنة وبساتينهم).مشيرا إلى أن (حصن ناعم أحد أبرز معاقل يهود خيبر كان الأصعب في الفتح وبرز فيه الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) كقائد للواء المسلمين حيث تمكّن من قتل مرحب، المحارب اليهودي المعروف بقوته واقتلاع باب الحصن بيديه، وهو العمل الذي عجز عنه عشرون رجلًا من بعده وكان هذا الحدث علامة فارقة في إتمام الفتح وتراجع القوات اليهودية).
دراسة عصرية
واستعرض الباحث في الجلسة التي ادارها الباحث التراثي عادل العرداوي ،محتوى كتابه الذي قدم دراسة عصرية معمقة مدعّمة بالخرائط والصور الحديثة للمواقع الأثرية مع توثيق علمي وتاريخي دقيق لمسار الغزوة، وموقع المدينة، وتكوينها الطوبوغرافي، كما ناقش التحليل الجغرافي العسكري للمعركة، وما مثّله هذا الموقع من تحدٍّ لأي قوة غازية عبر الزمن. وختمت الجلسة بنقاش مفتوح بين الحاضرين والباحث تناول أهمية الجمع بين الدراسات التاريخية والتحليل الجغرافي في فهم الأحداث الكبرى في التاريخ الإسلامي.
وشهدت قاعة جواد سليم فعالية نظمها ملتقى السرد الروائي بالتعاون مع المركز الثقافي البغدادي، احتفاءً بالأديب حسين صابر وتوقيع مجموعته القصصية الجديدة (تحت شجرة البريوزكا) أدار الجلسة الكاتب رياض داخل، الذي قدم قراءة تعريفية بأعمال القاص، مشيرًا إلى أن صابر له إصدارات عدة منها: «النازحة» (مجموعة قصص مترجمة)، «صباحات التيه» (رواية)، «جلالي» (قصص مترجمة)، بالإضافة إلى «قدح نصف ممتلئ» (خواطر مترجمة). وتحدث صابر خلال الجلسة عن مجموعته القصصية الجديدة، والتي تضم سبع قصص تتراوح بين المتوسطة والقصيرة، من بينها: «انفلات»، «عاصفة عائلية»، «أنا وهو»، «هدد»، والقصة التي تحمل عنوان المجموعة «تحت شجرة البريوزكا».و أشار إلى أن المجموعة تستند إلى رؤى إنسانية واجتماعية ذات طابع تأملي، كما سلط الضوء على تجربته في الكتابة والترجمة، ونشاطه الأدبي المتواصل في المجلات والصحف العراقية والعربية.
كما نظم المركز الثقافي البغدادي بالتعاون مع منظمة بلاد السلام لحقوق الإنسان محاضرة توعوية بعنوان: (ثقافة حقوق الإنسان: إشكالية المفهوم وتحديات التطبيق) ألقاها الباحث والأكاديمي عبد الستار الشعلان على قاعة علي الوردي، وأدارت الجلسة الاكاديمية سعاد الأسدي، التي افتتحت النقاش بالإشارة إلى معاناة المرأة في المجتمع، مؤكدة أنها (كثيرًا ما تُحمَّل بالواجبات دون أن تُمنح الحقوق الكاملة) داعيةً وفقا لصفحة المركز في (فيسبوك) إلى (توسيع دور المرأة في الحياة العامة). كما تناولت في حديثها حقوق الطفل، ومنها: حق التعليم والرعاية الصحية وتوفير الأدوية والحصول على الأرض والمسكن.من جانبه قدم الشعلان مقدمة شاملة حول مفهوم حقوق الإنسان مستعرضًا ما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والوثائق الأممية ذات الصلة. كما تناول تعريف (ثقافة حقوق الإنسان) وضرورة العمل بها في الواقع الاجتماعي والسياسي.وتحدث الشعلان أيضًا عن تاريخ حقوق الإنسان، مشيرًا إلى ما ورد في مسلة حمورابي والقوانين الوضعية القديمة إلى جانب الحقوق التي أقرها الإسلام، مؤكدًا أن القيم الإنسانية متجذرة في حضارات العراق القديمة.وفي ختام حديثه شدد الشعلان على أهمية دور منظمات المجتمع المدني في رفع الوعي والدفاع عن الحقوق، قائلاً: (يجب أن نطالب بحقوقنا كاملة لا مجزأة ونتجاوز المعوقات التي تواجه مجتمعنا من خلال التوعية والتنظيم الفعال). كما ضيفت قاعة الوردي محاضرة اخرى بعنوان (رحلة في عمق التاريخ العراقي) قدمها الباحث مصطفى الشروفي وأدارت الجلسة نها قره علي، واستعرض الباحث خلال المحاضرة جملة من المواقع الأثرية والتراثية العراقية، موضحًا أهميتها التاريخية والحضارية كما عُرض فيلم وثائقي تضمن مشاهد من مواقع أثرية بارزة مثل مدينة هيت وما تتميز به من طبيعة مائية ونواعير تقليدية بالإضافة إلى مدينة أور ومعابدها ومعبد الإسكندر الأكبر. كما سلط الشروفي الضوء على أول مكتبة عرفها التاريخ، والتي تعود إلى آشور بانيبال، مشيراً إلى ما تحويه من سجلات حضارية تؤرخ لفترات متعددة. وتطرق إلى أهمية مدينة نيبور والحديث عن سرجون الأكدي، وأثره في بناء الدولة المركزية إضافة إلى تاريخ بابل ومكانتها في الحضارة العراقية القديمة. وفضلا على الفعاليات الصباحية ليوم الجمعة افتتح المركز الثقافي أبوابه لجمهوره أيام الخميس، الجمعة، والسبت مساءً، التي شهدت معارض مختلفة وفعاليات فنية.