الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الطير المسافر

بواسطة azzaman

الطير المسافر

هدير الجبوري

 

ليس «الطير المسافر» لنجاة الصغيرة مجرد أغنية، بل تجربة شعورية كاملة تلامس أعماق المستمع وتوقظ في داخله كل حنين مؤجل. بصوتها الرقيق الهادئ، تُعيد نجاة صياغة الغياب فينا، وتجعل من الحب المهاجر صورة حيّة لا تفارقنا. في كل مرة نستمع فيها لهذه الأغنية، نُصبح نحن المنتظرين، الواقفين على ضفاف المسافات، نترقب عودة من غابوا خلف البحار والحدود. صوتها يحملنا حيث لا طائرة تصل، ولا بريد، لكنه يبلغ القلوب التي لا تزال هناك... في البعيد.

«الطير المسافر» ليست لحناً وحسب، بل حالة وجدانية يعيشها كل من عرف الفقد أو تعلّق بحلم اللقاء.  وفي زحمة الحياة، تذكّرنا أن الأمل بالعودة وإن بدى مستحيلاً لا يزال يسكن أغنية...  صوت نجاة لا يُغنّي فقط، بل يُعيد تشكيل الخسارة فينا. يجعل من الحنين عادة يومية ومن الرجاء في دواخلنا موسماً لا ينتهي . حين تغني عن حلم العودة للغائبين نصبح..  نحن الواقفين بأكف الدعاء لعل مانرجوه يتحقق.. كم من مستمع لتلك الأغنية يغلق عينيه ليرى صورة حبيب عبر القارات والمسافات  أو صديق كان يوماً وطناً.. كم من قلب يستيقظ من سباته على تموج  صوتها، ويتوسل: عودوا... ولو طيفاً.

«الطير المسافر» ليست أغنية فحسب، بل نافذة يطل منها المتعبون نحو السماء، يسألونها أن تحمل لهم خبراً، سلاماً، أو حتى الحلم بلقاء  قد ينتهي العمرولايتحقق... نجاة، بهذا الصوت المبلل بالحنين والدمع، لا تغني لمن بقوا، بل لمن رحلوا، وتُعلّمنا أن الحب لا يذبل بالغياب، بل ربما يولد من جديد مع كل استماع... ومع كل غصة. الطير المسافر تعيد ترتيب الفقد داخلنا، فهي لا تُعاتب الغائب، بقدر ما تُضيء الدروب الخفيّة التي لا يزال القلب يمر بها كل ليلة. في هذه الأغنية، الحنين ليس مجرد شعور، بل وطن صغير نلجأ إليه كلما ضاقت بنا الغربة، حتى لو كنا في أوطاننا..


مشاهدات 270
الكاتب هدير الجبوري
أضيف 2025/06/04 - 1:49 PM
آخر تحديث 2025/08/19 - 4:13 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 478 الشهر 13585 الكلي 11408671
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/8/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير