الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
قضية خمسة ملايين دولار ضد الكويت

بواسطة azzaman

قضية خمسة ملايين دولار ضد الكويت

فيصل عبد الحسن

 

غالباً ما تحدث مشاكل حول الحدود بين الدول المتجاورة خصوصاً الدول التي كانت فيما مضى من الزمن واقعة تحت الاستعمار، فالمستعمر عادة لا يغادر هذه الدول إلا ويترك هكذا مشاكل بين هذه الدول المستعمرة من قبله سابقاً، والغاية من خلق هكذا فخاخ مستقبلية حتى تبقى هذه الدول تحت رحمته بعد استقلالها، وتبقى هذه الدول تطلب عونه وتدخله ليفض هذه المنازعات بينها وبين جيرانها، وهذا ما يحصل اليوم بين الهند وباكستان، المغرب والجزائر، لبنان وسوريا، العراق والكويت، مصر والسعودية حول جزيرتي»تيران وصنافير» وعائديتهما، وجزيرة»أبو موسى إلى جانب جزيرتي طنب الكبرى والصغرى»المختلف على عائديتهما بين الإمارات وإيران، وفي الثمانينات رفع مواطن عراقي من البصرة دعوى قضائية على السلطات الكويتية يطالبها بتعويضه بمبلغ 5 ملايين دولار، عما لحق به من أضرار به وإجحاف بحقوقه بسبب زحف حدود الكويتية لتقرض بزحفها أرضاً عراقية خاصة به.

محكمة البصرة

كنا عندما نلومه على ذلك نذكره بأخلاقنا، وأصالتنا وديننا السمح، ومحبتنا لجيراننا وأهلنا في الكويت الشقيقة، ونطالبه بالتوقف عن مساعيه المحمومة للحصول على حقوقه، والقضية التي أحكي عنها تخص د.مصطفى محمد على، الذي اشتهر بيننا بالبصري صاحب الدعوى ضد الكويت! وتعود بداية قضية د. مصطفى إلى أكثر من 33 سنة ماضية! حين رفع الرجل دعواه مطالبا دولة الكويت بمبلغ من المال كدين له على دولة الكويت وممثلتها القنصلية الكويتية في البصرة التي استولت على أرض له دون وجه حق، وسجل شكواه القضائية في محكمة الدولة العراقية في البصرة، وهو مكان المديونية كما تنص القوانين العراقية.

 ولكن بسبب احتلال نظام العراق السابق للكويت عام 1990 فقد اختلط الحابل بالنابل وكنا نرى الرجل في مقهى السيف في مدينة البصرة يقلب أوراق قضيته، حيث اشتهر بين أهل المقهى بالدكتور صاحب الدعوى ضد الكويت! وذاع صيته بين أهل البصرة من خلال تردده المستمر على المحكمة، وبسبب عدم وجود تمثيل دبلوماسي بين الدولتين بعد انسحاب الجيش العراقي من الكويت، وتم عقد اتفاقية صفوان المعروفة، وكان وقتها من ينظم العلاقة بين الدولتين الصليب الأحمر ومنظمة الأمم المتحدة.

لم يكل الرجل أو يمل بل كان يترجم الوثائق عند مترجم معروف في مدينة البصرة، ويصدقها من الخارجية، ويبعثها إلى جامعة الدول العربية، والدوائر الدولية التي لها علاقة بفض المنازعات بين الدولتين، ولكن للأسف دولة الكويت لم تستجب لدعواه واستمر الرجل يطالب بحقه، كلما لاح له منفذ لتوصيل صوته للحكومة الكويتية، وكان الناس الذين يرونه مهموما يطلبون منه مخلصين أن يضع أمله في الله تعالى، ويطلب منه العوض وينسى دعواه ضد الكويت قبل أن يحوله الإحباط إلى مجنون!

    كان ممثل الحكومة الكويتية يدعي بطلان الدعوى، وعدم أحقية المواطن العراقي عند الجهات الدولية، وأهمل بعد ذلك حتى الحضور للرد على الدعوى، وكان التأجيل يجر التأجيل، والمواطن العراقي كأنه أحد أبطال الملاحم اليونانية القديمة التي تحكي عن سيزيف الذي يحمل الصخرة إلى أعلى الجبل ثم تنزلق منه ساقطة إلى أسفل الوادي، قبل أن يصل القمة بقليل، ثم يعيد دفعها إلى أعلى من جديد ثم تسقط منه ثانية، وهكذا من دون أن يكل أو يمل، أو ينسى حقوقه على دولة الكويت!!  

التغيير في 2003

وصارت بعد ذلك حكايته منسية، ولم يتحدث عنها أحد في المقاهي كما كان سابقا إلا كنادرة من النوادر، التي تحدث فترات الحروب والظروف المتأزمة بين الدول، وكنا عند رؤيته في سوق البصرة القديم حيث يشير إليه الناس باسم مختصر، وبلا مبالاة ب(صاحب الدعوى ضد الكويت) وبعد التغيير في عام 2003 انتعشت الآمال في نفسه من جديد، وتحامل الرجل على همومه، وأعاد تحريك القضية، وأبلغ الحكومة الكويتية من خلال سفارة العراق في الكويت بأن لديه حكماً واجب التنفيذ على دولة الكويت بمبلغ 5 مليون دولار! بسبب الأضرار التي تسببت بها له طوال الفترة الماضية، ولكن دولة الكويت استمرت للأسف في تجاهلها لصاحب الدعوى ولدعوته، أما الدولة العراقية التي اعتبرت القضاء مستقلا بعد عام 2003 فلم تتدخل بهذا الموضوع، واستمر الرجل في دعواه حتى حصل على حكم قضائي بالحجز على الممتلكات الحكومية الكويتية في العراق الثابتة والمتحركة (الأبنية والأراضي أو الطائرات والسيارات أو السفن أو غير ذلك) لغرض تعويضه عن مبلغ ال5 ملايين دولار، مما جعل الكويت ترضخ لمطالبه وتعوضه بما قررته المحكمة عليها، لتنتهي هذه القضية نهاية سعيدة لهذا المواطن البصري، الذي لم يتنازل عن حقوقه المشروعة بالرغم من جميع الظروف التي مرَّت بها قضيته، وهذا درس عميق المغازي لكل من يجرؤ على المس بحقوق العراقيين المشروعة، مهما طال الزمن وكثرت العراقيل بوجوههم!! «وصلة الكترونية لمقال نشر عن القضية أعلاه بقلم الأكاديمي الكويتي د. ناصر خليفة في صحيفة الرأي الكويتية بعنوان/قنصليتنا في البصرة في خبر كان :

https://www.alraimedia.com/ampArticle/52195


مشاهدات 81
الكاتب فيصل عبد الحسن
أضيف 2025/06/01 - 4:42 PM
آخر تحديث 2025/06/04 - 7:32 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 176 الشهر 3898 الكلي 11138552
الوقت الآن
الأربعاء 2025/6/4 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير