عجز بميزان المدفوعات الخدمية
منار العبيدي
أظهرت بيانات البنك المركزي العراقي أن عجز ميزان مدفوعات الخدمات بلغ خلال عام 2024 نحو 17.1 مليار دولار أمريكي، وهو من أعلى مستويات العجز المسجلة في هذا البند، ويعكس اختلالا هيكليا في العلاقة بين المدفوعات والمقبوضات الخدمية. فقد سجلت مدفوعات الخدمات، والتي تشمل أجور شحن البضائع، التأمين، الخدمات الصحية والتعليمية خارج العراق، الرسوم المصرفية، الاتصالات الدولية، إضافة إلى الاستشارات والعقود الفنية الأجنبية، ما مجموعه 25.7 مليار دولار أمريكي خلال العام. في المقابل، لم تتجاوز مقبوضات العراق من الخدمات مبلغ 8.5 مليار دولار، تمثلت بشكل رئيسي في خدمات الطيران المدني، وبعض الرسوم التعويضية من عقود النفط، إلى جانب خدمات حكومية محدودة.
هذا العجز الكبير في ميزان الخدمات يعد مؤشرا مقلقًا، ويستدعي تحركا عاجلًا نحو معالجة الفجوة عبر حزمة من الإجراءات والسياسات، أبرزها:
- توطين عدد من الخدمات المستوردة، خصوصًا في مجالات الشحن، التأمين، الاستشارات التقنية، والخدمات المصرفية. - توسيع صادرات العراق من الخدمات، عبر تمكين قطاعات مثل تكنولوجيا المعلومات، الخدمات التعليمية والطبية، وخدمات ال (Outsourcing).
- فرض ضرائب ورسوم تنظيمية على مزودي الخدمات الأجانب لتعزيز إيرادات الدولة وتقليل التحويلات المالية إلى الخارج. - دعم وتطوير الشركات المحلية العاملة في قطاعي الشحن والتأمين، بهدف تقليل الاعتماد على الشركات الأجنبية.
- اعتماد مبدأ المقاصة مع الدول ذات الميزان التجاري المتوازن مع العراق، بما يساهم في تقليل كلف التحويلات المالية الخارجية ويحسن شروط الدفع.
إن استمرار هذا العجز من دون تدخل فعال، سيؤدي بالضرورة إلى استنزاف تدريجي للاحتياطيات الأجنبية للعراق، مما ينعكس سلبًا على الاستقرار العام لميزان المدفوعات ويضعف قدرة الدولة على تمويل التزاماتها الخارجية مستقبلاً.