تنوعنا ..والمعادل الوطني العراقي
عبدالهادي البابي
هناك سؤال يتردد على ألسنة المحللين وأرباب الفكر والسياسة بإنه : هل يمتاز العراقيّون بخارطة مجتمعية قادرة أن تنجز حالة وطنية متقدمة في بلادهم ....بحيث يمكن لهذه الحالة الوطنية أن تسهم في مواجهة التحديات - الداخلية والخارجية- وتحقق أنتصارات على من يريد أن يدخل على الداخل العراقي ويعبث به ويدمر نسيجه الإجتماعي ..؟
التاريخ يقول نعم : العراقييون قادرون إلى حد بعيد على أنتاج معادل وطني جديد مستفيدين من تنوعهم الإجتماعي وتعددهم العرقي ، رغم أنه قد يبدو للوهلة الأولى أنها تعددية معقدة وغير منطقية ، ولكن بفهمنا التاريخي لها نجد العكس تماماً ، فهي تؤسس لحالة مجتمعية حيّة تستطيع بالنهاية أن تفرز معادل وطني عظيم ..وهذا المعادل الوطني رأيناه قد بدأ منذ عهد طويل ، بدأ في مواجهة الأستعمار البريطاني في الثورة العراقية الكبرى عام 1920،عندما تلاحمت عشائر الجنوب مع عشائر الوسط والشمال وسطّروا أعظم ملحمة تحررية وطنية في تاريخهم المعاصر ، كما ورأينا هذا المعادل الوطني قد بدأ في مواجهة التحديات الوطنية الكبرى التي تعاقبت على العراق و التي رأينا فيها الشعب العراقي قد توحّد وصار حالة وطنية واحدة من شماله إلى جنوبه ، ففي تقديرنا أن هذه المكونات المجتمعية وهذه البنية المجتمعية هي التي ساهمت في إنتاج معادل وطني ، والدليل على ذلك ماتعرض له هذا النسيج الوطني العراقي من هجمة بربرية في السنوات التي أعقبت دخول قوات الأحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 والتي أرادت تفتيته وتمزيقه من خلال تفكيك مكوناته المجتمعية وتحويله إلى طوائف ومليشيات متناحرة ، ولكن الشعب العراقي وقف بوجه كل تلك المحاولات الدنيئة لضرب وحدته الوطنية ، وطرد هؤلاء المخربين العابثين من بلادهم ...وهكذا رأينا العكس من هذا الشعب ، خصوصاً في الأيام التي أعقبت دخول الأرهابيين إلى بعض مدن العراق كالموصل والرمادي وصلاح الدين وكيف أن العراقيين وقفوا مع جيشهم وقواتهم المسلحة بغض النظر عن الحاكم والمحكوم ..فمازال هذا الشعب مصرٌ على أنه واحد متوحد لايميل ولايستجيب لدعوات التفرقة والتقسيم التي نعق بها الضالون المضلون ، وإنما ينحاز بأتجاه الدفاع عن كيانه ، هذا الكيان المتمثل في شيء مقدس أسمه (الوطن العراقي) .!!