الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
من مفكّرة لواء شرطة.. غارة أمريكية على خليّة نائمة لحزب البعث

بواسطة azzaman

من مفكّرة لواء شرطة.. غارة أمريكية على خليّة نائمة لحزب البعث

أكرم عبد الرزاق المشهداني

 

     في الساعة 9.30 من صباح يوم السبت 31 أيار 2003 اقتحمت قوة إنزال أمريكية من قوات الـ MP  بقيادة العقيد جيمس ستيل مقر عمادة كلية الشرطة واعتقلت عميد الكلية وعدداً من مدراء اقسام الكلية وأساتذتها (15 شخصاً) وكلّهم من حملة الشهادات العليا، وكان الجميع مجتمعين في مكتب العميد بناء على طلب خبير التدريب الامريكي

وكانت سلطة الأورها (ORHA) (إعادة إعمار العراق) التي يرأسها جاي غارنر قد نسبت اثنين من الخبراء في شؤون التدريب هما كل من الأمريكي (جون مايكل) والبريطاني (جاستن ديفيز) للعمل معنا بصدد إعادة تأهيل الكلية ومعاودة نشاط تدريب الطلاب، فضلاً عن فتح دورات لضباط الشرطة العراقية، وفعلاً تم عقد لقائين مع الخبيرين وفي اللقاء الثالث طلب الخبير جون مايكل عقد لقاء موسع يحضره أعضاء هيئة التدريس والتدريب في الكلية كافة، وجميعهم من حملة الشهادات العليا، للتباحث حول مناهج الدراسة والتدريب في الكلية، وحدد الساعة العاشرة من صباح يوم السبت 31/5/2003 موعداً للإجتماع في مكتب عميد كلية الشرطة. وبشكل رسميّ، تسلّمتُ من “جون مايكل” كتاباً تحريراً، لتبليغنا بموعد الاجتماع ومكانه، إلّا أنّ ما جرى بعد ذلك كان أشبه بـ”سيناريو هوليوودي”، وإليكم التفاصيل:  

      كانت التهمة التي وجهتها القوات الامريكية للمجتمعين، أنّهم يعقدون اجتماعاً لحزب البعث وأنّهم (خلية نائمة)، ويخططون لمهاجمة القوات الامريكية في حين أنّ غرفة العمليات المشتركة العراقية الأمريكية كانت في المقرّ نفسه لعمادة كلية الشرطة وبالقاعة المجاورة لمكتب العميد!!

لذلك طلعت صحيفة عراقية في اليوم التالي بعنوان (سيناريو هوليوودي في كلية الشرطة)، ساخرة من الخبر الذي بثه بيرنارد كيرك مفتش الشرطة الأقدم والمكلف بإعادة تأسيس الشرطة العراقية الجديدة في ظل الاحتلال، من خلال مؤتمر صحفي بحضور ممثلي وكالات الانباء العالمية مدعياً أن القوات الأمريكية اكتشفت خلية نائمة لحزب البعث تخطط لإعادة تأسيس الحزب والقيام بعمليات ارهابية ضد القوات الأمريكية.

وفي اليوم المعين للإجتماع، وبينما كنت جالسا في مكتبي ومعي أعضاء هيئة تدريس وتدريب الكلية، بانتظار حضور الخبير الأميركي جون مايكل بالموعد المتفق عليه،  فوجئنا بقوة مداهمة أميركية برئاسة الكولونيل (جيمس ستيل) ومعه (النقيب كروزر) ونقيب شرطة أميركي من أصل عراقي يدعى (نعمان شبر)، وعدد من ضباط وجنود الـ(MP)، حيث اعتقلونا وقيدوا أيادينا وسحبوا هوياتنا الوظيفية واقتادونا الى حافلة كانت مخصصة لنقلنا الى معتقل (كروبر) لأسرى الحرب في مطار بغداد (الرضوانية) وقبل تحرك الحافلة حضر الخبير الأمريكي (جون مايكل) وعبثاً حاول التحدث مع قوة الاعتقال لإفهامهم أنه هو الذي طلب عقد هذا الإجتماع، ولكن لم يستمع جيمس ستيل لكلامه، وتحرك بنا الباص باتجاه المعتقل،  وكان آمر قوة الأعتقال التي رافقتنا الى المطار النقيب الأميركي (كروز) رأس المؤامرة، الذي خاطبنا بالحرف الواحد (أنتم جميعا مقبوض عليكم بتهمة التآمر ضد قوات الائتلاف والعمل لإعادة تنظيم حزب البعث المنحل، وسوف تبقون معتقلين الى نتيجة التحقيقات التي تجريها الاستخبارات العسكرية الأمريكية معكم، ومهما تكن النتائج فإنكم لا مجال لعودتكم ثانية الى جهاز الشرطة)، وقد تبيّن أن أمراً تحريرياً قد صدر بتوقيع آمر قوة الاعتقال جيمس ستيل بطردنا من الخدمة نهائياً!.

من هنا ابتدأت القصة

عقب غزو بغداد، في  التاسع من نيسان (أبريل) 2003، تعرّضت بغداد وسائر المدن العراقية الى فوضى أمنية شاملة، ولم تكلف قوات الغزو نفسها عناء حفظ الأمن والنظام، بل ساهمت في تفاقم الوضع الأمني من خلال سكوتها، بل تحريضها على أفعال النهب والسلب في المدن، عدا قطاع وزارة النفط الذي كان موضع حمايتها لمقاصد معلومة وواضحة. ومنعت قوات الإحتلال أجهزة الشرطة العراقية عن أداء واجباتها في حماية الأمن وتطبيق القانون وذلك من خلال إطلاق النار عليها وتدمير مراكز الشرطة.

وأزاء حالة التدهور الأمني وانتشار الفوضى،  تطوّع عدد من ضباط الشرطة وقابلوا جاي غارنر رئيس سلطة الائتلاف واقنعوه بمقابلة عدد من كبار ضباط الشرطة العراقية من أجل إعادة السيطرة على الأمن في بغداد، واقترحوا خلال لقائهم بغارنر اسمي وأسماء عدد من كبار الضباط. وفعلا فقد لبّى الدعوة عدد من كبار ضباط الشرطة وعلى راسهم عميد كلية الشرطة، وقابلوا  الجنرال المتقاعد جي غارنر في قصر المؤتمرات يومي 29 و31/4/2003 بحضور معاونه البريطاني (ماكلينين)، ومفتش الداخلية الأقدم الأمريكي (بوب غيفورد)، ومساعده البريطاني (فيليب هول)، وكان محور اللقاء هو سبل إعادة الأمن للشارع العراقي, وكيفية إعادة الشرطة الى مقار عملها لتمارس دورها في حفظ الأمن.

     وقامت المجموعة بإفهام غارنر أن جهاز الشرطة العراقي هو جهاز عريق، معني بتطبيق القانون وحفظ الأمن، وأنه إذا كانت قوات الاحتلال حريصة على أمن العراق فلابد لها من دعوة رجال الشرطة العراقية للإلتحاق بمقار عملهم، كي مباشرة واجباتهم المعتادة في حفظ الأمن، ومنع تفاقم الوضع الأمني، وفعلا اقترح عليَّ غارنر أنْ أكتب مسودة نداء يصدر عن “الأورها”، الى الشرطة العراقية للعودة الى واجباتها في حفظ الأمن والالتحاق بمقار أعمالها المعتادة بدءاً من يوم الأحد 4/5/2003، وأذيع النداء من خلال وسائل الإعلام المتاحة ولقي ارتياحا وطمأنينة من قبل رجال الشرطة الذين عادوا لممارسة واجباتهم المعتادة تدريجياً، على الرغم من حالة الدمار التي لحقت بمباني ومستلزمات مراكز ودوائر الشرطة بفعل أحداث ما بعد غزو بغداد في 9/4/2003.

التحقنا بالموعد المحدد 4/5/2003 وبدأنا في إعادة ترتيب أوضاع الكلية رغم حالة الدمار والتخريب الذي لحق بمنشآتها، وبناء على طلب المفتش الأقدم للوزارة الأمريكي (بوب غيفورد) ومساعده البريطاني (فيليب هول)، تم تهيئة مكتبين لهما في الكلية مجاورين لمكتب عميد الكلية، لكون الكلية اتخذت مقراً لقيادة العمليات المشتركة بين قوات الإئتلاف والشرطة العراقية، كما أن قوات الشرطة العسكرية الأميركية (MP) كانت قد حوَّلت ساحة الكلية الى مستودع لحفظ الأمانات والمبرزات الجرمية وبخاصة السيارات والآلات والمعدات المسروقة المضبوطة.

النقل الى معتقل المطار

تم نقلنا مكبّلين بالقيود، ومعصوبي العيون، الى معسكر أسرى الحرب في مطار بغداد ثم بعد أسبوعين تم نقلنا مقيّدين الى معسكر أسرى الحرب في أم قصر، ومن ثم إعادتنا الى معسكر المطار لحين إطلاق سراحنا بعد 45 يوماً من الاعتقال وسط ظروف غير إنسانية. وكانت المعاملة شديدةً، بل “قاسية”، والطعام برغم قلّته، غيرَ جيدٍ، والماءُ شحيحاً، ساخن، وغير نظيف، مما أدى لتدهور وضعنا الصحي، كما لم تكن تتوفر مرافق صحية لائقة، بل هي عبارة عن حفرة في الأرض وضعت عليها قطعة خشب محفورة من الوسط، وكان تعامل الجنود مع المعتقلين في منتهى الفظاظة والقسوة!.

ولم يسمح للصليب الأحمر بزيارتنا سوى مرة واحدة بعد أكثر من شهر من الاعتقال، وكانت الرعاية الصحية بائسة، لا يسمح للمواجهات مع العوائل ولا يسمح بطلب محامٍ أو شهود دفاع أو طلب وثائق ومستمسكات تفيد في براءتنا من التهم الموجهة، ولم يُسمع حتى لطلبنا استدعاء الخبير الأميركي جون مايكل للاستماع لشهادته بصدد الاجتماع الذي كان هو من دعا إليه، فضلاً عن عدم وجود لائحة اتهام واضحة ومقنعة. ولم تكن أهالينا تعرفُ مكان اعتقالنا، أو سببه، ولا ومدة الاحتجاز.

بوشر بإجراء التحقيق معنا حال وصولنا معتقل المطار ونحن مكبلون بالقيود، وكان المعتقل يضم عدداً من المسؤولين من النظام السابق (أتذكر منهم المرحوم سعدون حمادي والمرحوم عدنان عبدالمجيد وسمير عبدالوهاب الشيخلي) وبعدها تم إدخالنا المخيمات، وبعد أسبوع حضر آمر قوة الاعتقال (جيمس ستيل) ومعه النقيب الأميركي (نعمان شبر)، الى المعتقل وباشر التحقيق معنا رغم أنه هو آمر قوة الاعتقال، وهو نفسه الذي وقع أمر طردنا من الخدمة قبل أن تظهر نتائج التحقيق، و ليس من المقبول قانوناً في كل الشرائع أن تكون جهة القبض والاتهام هي ذاتها جهة التحقيق وجهة إصدار العقوبة بالطرد وحجب الرواتب والحرمان من أية حقوق وظيفية تقاعدية.

النقل الى معتقل بوكا في ام قصر:

بعد أن استمرت الاستخبارات العسكرية الأمريكية بالتحقيق معنا أطلق سراحنا بعد 42 يوماً من الاعتقال التعسفي حيث تبين لهم عدم صحة التهمة الموجهة ضدنا وأننا أبرياء من هذه التهمة الكيدية الملفقة ضدنا من قبل عناصر فاسدة بمشاركة من النقيب الأميركي (كروز) الذي علمنا لاحقا أنه قد استبعد من كلية الشرطة بعد أنْ افتُضحت أفعاله المشينة ونقل الى مكان آخر. تم إطلاق سراحنا جميعاً وعددنا (15) ضابطاً برتب متقدمة وجميعنا من حملة الشهادات العليا في القانون والاجتماع واللغة الإنكليزية وعلوم الشرطة، دون تزويدنا بما يؤيد براءتنا من التهمة الباطلة الكيدية الملفقة ضدنا.

فيلم لـBBC  يفضح جرائم وانتهاكات العقيد جيمس ستيل 

   فيلم الـ BBC هو فيلم وثائقي عن تحقيق أجرته المحطة بالتعاون مع صحيفة الغارديان يكشف تورط الإدارة الأمريكية (تحديداً وزارة الدفاع) في تأسيس وحدات شرطة خاصة (مثل ألوية الذئب وغيرها) تحت إشراف العقيد جيمس ستيل وبمشاركة من الخونة والعملاء العراقيين، مهمتها مواجهة المقاومة العراقية، أو ما سماه الفيلم بالتمرد السني، وإنشاء مراكز اعتقال وتعذيب سرية.

    قصتي مع جاي غارنر:

     لقد كنت أنا شخصياً، قابلت جاي غارنر بُعيد الغزو – بناء على طلب منه – بعد أن ساءت الأحوال الأمنية في الشوارع، وافتقد المواطنون الأمان وكثرت الجرائم، وسادت الفوضى، وتحدثت معه لثلاث ساعات، في قصر المؤتمرات، بحضور معاونه الإنكليزي، وأحد السياسيين العراقيين الذي تربطه مع غارنر صلة مصاهرة، وهو سعد الجنابي، وفعلاً اقتنع غارنر بإعادة الشرطة العراقية السابقة الى مراكزها، لأنهم مدرّبون جيداً ولديهم خبرات متراكمة وهم محترفون لواجباتهم، فأعطاني ورقة كتبت عليها صيغة الإعلان الذي أذيع حرفياً من وسائل الإعلام وقتها، بدعوة رجال الشرطة للإلتحاق بمقار عملهم ومراكزهم، وفعلاً لبّى الدعوة حوالي 80% من ضباط الشرطة ومراتبها، والتحقوا بمراكزهم رغم كونها كانت محترقة ومدمرة وأعادوها وباشروا عملهم بتسيير دوريات مشتركة لحفظ الأمن وتنظيم السير، الاّ أن إصرار سلطة الاحتلال على منع تسليح الشرطة بالكلاشنكوف والاكتفاء بالمسدسات المخفية، أدى إلى إفشالهم في تأدية مهامهم في مقارعة اللصوص والمجرمين الذين كانوا يمتلكون أحدث السيارات والمعدات والأسلحة!!

وفي الحقيقة فإن غارنر توصل الى قناعة بإعادة ملاكات الدولة كافة، من درجة وكيل وزير نزولاً، لتسيير أمور البلاد، وعقد أكثر من اجتماع في قصر المؤتمرات مع وكلاء الوزارات والمدراء العامين في الدولة العراقية، واقتنع بأنه الأقدر على تسيير شؤون الدولة… لكن الحقيقة تبينت فيما بعد، فلم تمض سوى أيام على لقائنا بغارنر ولقاءته الأخرى بالمسؤولين الإداريين العراقيين، حتى صدر قرار الإدارة الأمريكية بإعفاء غارنر من منصبه وإعادته فوراً وارسال بول بريمر وبقية الشلة الإجرامية معه، وتبيّن أن حالة الفوضى هي حالة مقصودة ومطلوبة ضمن مخطط تدمير العراق وتفكيك دولته. حيث تلاحقت القرارات بحل الجيش العراقي وحل الشرطة والأجهزة الأمنية، وتفكيك الدولة العراقية، ومن ثم تشكيل هياكل مشبوهة بناء على أسس طائفية، وحدث ما حدث، والحمد لله الذي جنّبنا شرور التعامل مع المحتلين وأبعدنا عنهم وإن كان بالإعتقال الظالم في معتقلات المطار والناصرية وبوكا بأم قصر حوالي الشهرين بتهمة مضحكة.

قبل أن يتم اعتقالنا -ولأنّ عملنا في كلية الشرطة- فقد نسب جاي غارنر معنا مجموعة من خبراء الشرطة من بريطانيا وأمريكا ودول أخرى كان الهدف – حسبما أبلوغنا – هو تطوير الكلية، وتم الاتفاق على عقد اجتماع يحضره جميع أعضاء هيئة تدريس الكلية وأمراء الأجنحة يوم السبت 30/5/2003 بالعاشرة صباحاً، لكنْ عند تجمّعنا فوجئنا بمداهمة قوة مسلحة من الشرطة العسكرية MP بقيادة العقيد جيم ستيل ومعه النقيب نعمان شبر، فقاموا بتجميعنا في احدى قاعات العمادة، وفتشونا وسحبوا هوياتنا، ثم كتّفونا وأركبونا الباص الذي نقلنا الى معتقل المطار، وهناك صادروا كل ما نمتلكه من اوراق ونقود واقلام وساعات.

 وبقينا في المعتقل ثلاثة أسابيع نفترش الأرض بدون خيم، ونتوسد أحذيتنا كوسائد، ويعطوننا طعاما لايمكن اكله. ثم تم نقلنا الى معتقل أور بالناصرية بواسطة سيارات الزيل في قسوة الحر الشديد منتصف حزيران، وأيدينا وأرجلنا مكبّلة بالسلاسل، ثم نقلونا الى بوكا في أم قصر وبقينا ثلاثة اسابيع، بعدها أعادونا الى معتقل المطار وبقينا فيه أسبوعين، إلى أنْ تم تشكيل محكمة عسكرية تبين لها من خلال التحقيق وزيف التهم الموجهة الينا وكذبها، فأطلقوا سراحنا، دون إعادة ما صادروه منا.

وكانت معاملتنا “خاصة” في معتقل المطار، إذ ووجِهنا بمنتهى القسوة والتشدّد، فاستمرَّ التحقيق معنا في المطار، وفي أم قصر عدة جلسات، وفي البداية، حقّق معي العقيد جيمس ستيل، يشاركه النقيب نعمان شبر. وكان يهدّدني بالإرسال الى “غوانتانامو” إنْ لم أعترف، فقلت له بماذا أعترف، وهل يعقل أن نعقد اجتماعا حزبيا في كلية الشرطة التي كانت هي أيضا مقر القيادة الامريكية ومقر قيادة العمليات المشتركة؟!..  لكنهم، كما بدا لهم فيما بعد، قد شربوا الكذبة الملفقة ضدنا واقتنعوا بها.. ثم حاول العقيد ستيل إرشائي بوعده لي باطلاق سراحي إن أنا اعترفت ودللتهم على أماكن وجود المسؤولين الحزبيين، فرفضت وأنكرت معرفتي بهم.

بيرنارد كيريك رأس الفساد

           الشيطان الآخر هو بيرنارد كيريك، المفتش الأقدم للشرطة العراقية بعد الإحتلال، وهو موضع حظوة جورج بوش وإعجاب!. وكان قائد شرطة نيويورك السابق، وله دور اثناء أحداث أيلول/سبتمبر 2001، كما أنه مؤسس الشرطة العراقية “الجديدة”، في عهد الحاكم المدني بول بريمر وقد جاء في الأخبار من واشنطن في وقت لاحق أنه، قد قُبض عليه من قبل السلطات القضائية، لمواجهة تهم فيدرالية تتعلق بالفساد، حسب متحدث باسم مكتب التحقيقات الفيدرالية بعد اعترافه بتهم جزائية تتعلق بسوء التصرف المالي.

 

      وواجه كيريك لائحة جديدة من التهم من قبل هيئة موسعة من القضاة ، كشفت لاحقا لائحة التهم الرسمية الموجهة للمسؤول الأمني السابق الذي سبق أن أشرف لفترة على الشرطة العراقية. وقبل أن يعيّن الرئيس الامريكي جورج بوش كيريك في منصب وزير الأمن الداخلي، كان قد أرسله إلي العراق للإشراف علي تدريب الشرطة هناك بعد الغزو الأمريكي2003، غير أنّ كيريك غادر منصبه بعد ثلاثة أشهر فيما كانت مدة تكليفه تبلغ نصف عام، وقال المسؤولون العراقيون آنذاك إنه أكمل المهمة التي جاء من أجلها. وفيما لم يتمّ حتى الساعة الكشف عن التهم الموجهة الي كيريك ، لكن مصادر قالت إنّ التهم تتراوح بين قبول الرشوة والتهرب الضريبي.

 

            والمعلوم ان بيرنارد كيرك كان قد سارع في يوم الاعتقال الى عقد مؤتمر صحفي (دعائي) كبير في المنطقة الخضراء تناقلته جميع وكالات الأنباء العالمية أعلن فيه الانتصار الكبير (!!) بكشف خلية بعثية نائمة تخطط لإعادة حزب البعث والقيام بأعمال إرهابية ضد الجيش الأمريكي، وكان من ضمن أكاذيب كيريك في المؤتمر الصحفي أنهم ضبطوا وثائق حزبية في الاجتماع، وهو ادعاء كاذب تماما لأن كل ما اعتبروه وثائق حزبية، هي دفتر أجندة (دفتر مذكرات) يحمله أحد الضباط (الشهيد العميد الدكتور أسامة بدري الدباغ الذي اغتيل بعد سنتين من الحادثة) واعتبره أزلام كيريك منشوراً لأنه يحمل صورة الرئيس صدام حسين مثل كل الأجندات المتداولة بالأسواق آنذاك!!

 

         لقد كان جي غارنر أكثر دراية ومعرفة بالشأن العراقي من خَلَفِهِ بريمر، فبعد أن كان غارنر قد أصدر في 17/4/2003  أمراً بعودة جميع ضباط الشرطة الأصليين وأفرادها، قام الحاكم الجديد بريمر تحت نصيحة مستشاريه (الذين لا يفهمون شيئا عن العراق أمثال بيرنارد كيريك وجيمس ستيل وغيرهما ممن تأثروا بالعناصر الفاسدة والمرتشية وأصحاب المصالح الضيقة) بإصدار الأوامر بتسريح الآلاف من رجال الشرطة المهنيين المحترفين من مختلف الصنوف، تحت ذريعة التطهير، ودفع بهم إلى سوح البطالة، والفاقة، دون إدراك لعواقب هكذا إجراء تعسفي وتبعاته، فضلاً عن خسارة أجهزة الشرطة لعناصر ذات خبرات حرفية مهنية متراكمة هي بأمسّ الحاجة إليها. وكأسلوب للتعويض السريع للنقص الهائل في أعداد الشرطة أزاء تفاقم مستويات الجريمة وأعمال العنف، لجأت سلطة الإئتلاف (أو مستشاروها لشؤون الشرطة بقيادة بيرنارد كيرك) إلى فتح الباب واسعاً دون ضوابط لدخول عشرات الألوف من المتطوّعين الجدد تحت ضغط الحاجة الماسة، دون تدقيق وتمحيص، بحيث تسلل إلى الجهاز آلاف ممن لا تتوفر فيهم شروط الانتماء (لايقرأ ولا يكتب أو غير لائق صحياً)، والأدهى والأمَرّ أن من بينهم أربابَ سوابق إجرامية، هذا بالإضافة إلي التغاضي عن شروط توفر المؤهلات البدنية والثقافية والأخلاقـية. وكانت الكارثة الكبرى بقرار زج الميليشيات في الشرطة.

 

          بين معتقلات المطار و”أور” و”بوكا”..والعودة منها!

1- كان عدد المعتقلين كثيفا في معسكر أسرى الحرب في المطار بحدود 5000 شخص، وعدد المعتقلين في (بوكا) أم قصر بحدود 12000 شخص، لمختلف التهم ومن شتّى الأصناف، بينهم عسكريون وموظفون وقياديون ووزراء، ومعهم مجرمون عاديون من المتهمين بالسرقات والقتول ومختلف التهم، كما كان هناك أحداث، ونساء دون أي عزل أو تصنيف، فضلاً عن الكثافة الإسكانية فالخيمة التي طاقتها الإستيعابية 12-16، حُشرَ فيها أكثر من 30 معتقلاً.

 

2- كان المحققون في معسكرات الأسرى من جنسيات مختلفة، لكن النسبة الأعظم أميركان من الإستخبارات العسكرية والمخابرات الأميركية وعدد من البريطانيين، ولوحظ وجود عدد كبير من الكويتيين ضباطاً و ضباط صفٍ، ويبدو أنّ بعضهم كان متطوعاً، فيما كان الآخرون منتدبين للعمل مع القوات الأميركية، وكان تعامل الكويتيين أكثر قسوة وخشونة من الأميركان، كما كان هناك جنود من جنسيات أخرى مثل باكستانيين، وهنود، وإيرانيين، وعرب بصفة مترجمين وأطباء من لبنان ومصر.

 

3- كان محظوراً على المعتقلين حلاقة الوجه أو الرأس، وتقليم الأظافر مما زاد الحالة الصحية سوءاً. فضلاً عن منع التدخين لغير من يقومون بجمع النفايات والقمامة بواقع سيكارة واحدة في اليوم، وكان بعض الجنود الاميركان يقومون ببيع السيكارة الواحدة للأسرى بـ 750 ديناراً، وهو مبلغٌ مكلفٌ جداً بسعر تصريف تلك الأيام!.  

 

 4- الجندي المسؤول عن حراسة خيمة الأسرى، له كامل الصلاحيات في إساءة التصرف ومعاقبة المعتقلين بالحرمان من الماء، أو منع الذهاب الى المرافق الصحية، أو الحرمان من الطعام الذي كان “سيئاً”، حتّى أن غالبية المعتقلين، كانت تعزفُ عن تناول ما يُقدّم من طعامٍ في معسكر الأسر، والذي يشمل قطعاً من البسكويت الجاف.

 

5- تم منع ممثلي الصليب الأحمر أو منظمة العفو أو جمعيات حقوق الانسان من دخول المعتقل او مقابلة أيّ من المعتقلين سوى مرة واحدة مع الصليب الأحمر على مدى 42 يوماً.

 

    تلك صورة واقعية دون رتوش، وما لم يُذكر، إنّما هو أكبر أذىً، وأكثر سوءاً، مما ذكر عن الحالة اللاإنسانية التي كان المعتقلون يعيشونها في معسكرات الإعتقال الأميركية في العراق، سواء في المطار أو في أبي غريب أو في معتقل أم قصر على الحدود العراقية الكويتية، وسوء المعاملة التي يلقونها على أيدي القوات الأميركية التي تدعي أنها جاءت لحماية حقوق الإنسان!!

 

          ولابدّ من تثبيت حقيقة، أنّ كبار ضباط الشرطة العراقية وأكاديمية الشرطة العراقية، الذين تطوعوا مخلصين لحفظ أمن المواطنين، إنما كان دافعهم حبُّ العراق –برغم معارضتهم للإحتلال- فسعوا جاهدين إلى إنقاذ الحالة الأمنية العراقية  في حدها –الجنائي في الأقل- نتيجة الفوضى التي أحدثها الغزو العدواني للعراق، لكن سلطة الاحتلال الأمريكية أثبتت أنها غير حريصة على الأمن في العراق، ولا تريد للعناصر المخلصة أن تأخذ دورها في حماية العراق من الفوضى والخراب، وسمحت لعناصر فاسدة أنْ تتبوأ مواقع متقدمة تخدم أهداف وغايات قوات الاحتلال وأجندتها، وزجت بالعناصر المخلصة المحبة للعراق في غياهب السجون ومعسكرات الإعتقال سيئة الصيت وسط ظروف بالغة القسوة والسوء، ليثبت للعالم أن أميركا غير حريصة على أمن ومستقبل العراق.

                                 قائمة بأسماء المعتقلين:

1.اللواء الدكتور أكرم عبدالرزاق

2.العميد طالب مدب حسين

3.العميد عادل طاهر سعيد

4.العميد حسين محسن علي

5.العميد د حسن سعيد عداي

6.العميد فيصل سلماني

7.العقيد علي طه عبود

8.العقيد د جاسم محمد خضير

9.العقيد د اسامة بدري محمد صالح

10.العقيد د عبدالواحد سلمان

11.العقيد اياد عبدالخالق

12.العقيد غضبان سعيد

13.العقيد نصرت ردام

14.المقدم خضير عباس سلطاني

15.المقدم صفاء جواد كاظم

 

                   خبر اعتقالنا كما تناقلته وكالات الأنباء:

                    من هنا تم الاعتقال مبنى كلية الشرطة

عام مضى على مظلمتنا، نحن بحدود 15 ضابطا في الشرطة العراقية وبرتب متقدمة (عقيد إلى لواء)، منذ اعتقلتنا قوات الاحتلال في أكاديمية الشرطة العراقية بقضية مفبركة بعناية من قبل مجموعة من الخبثاء العراقيين، بتهمة العمل لإحياء تنظيم حزب البعث في الأكاديمية، بالرغم من أن جميع المعتقلين ليسوا بعثيين بدرجات متقدمة، وتم الزج بنا في معتقلات الأسر الأميركية بكل ما تعنيه وتحويه من إساءات في التعامل عرفها العالم متأخراً، وبعد تحقيقات مكثفة وطويلة ثبت للجهات التحقيقية الأميركية المختصة عدم صحة الأدعاءات الملفقة ضدنا، فقد قررت محكمة خاصة شكلت لموضوعنا براءتنا من التهمة الموجهة إلينا، وأطلق سراحنا بعد 45 يوما، ولكننا فوجئنا بإصدار سلطة الاحتلال كتابا مرتبكا ومهلهلاً يتضمن (أمرا بطردنا من الخدمة)، و(حرماننا من الراتب وبضمنه رواتب الأشهر السابقة للقبض علينا) دون انتظار نتائج التحقيق والمحاكمة، والمحير في هذا الأمر المهلهل أنه صدر في نفس يوم القبض علينا، وموقع من قبل نفس آمر قوة الاقتحام والقبض (العقيد جيم ستيل) وهو ذاته الذي قام بالتحقيق معنا لاحقاً، وبذلك فإن أمر الطرد يفتقد للمشروعية لعدة أسباب:

 

لايوجد أي قانون (محلي أو دولي) يبيح لسلطة الاحتلال أن تصدر قرارا بطرد مجموعة كبيرة من ضباط الشرطة على خلفية تهمة باطلة لم تثبت صحتها.

إن الطرد هو قانوناً عقوبة تبعية، معناه يجب أن يسبقها حكم قضائي بات من محكمة مختصة، ولا يجوز أن تكون عقوبة منفردة إن كان هناك أي مبرر لإصدارها.

لا يجوز أن يكون نفس الشخص (القابض) هو ذاته (المحقق) وهو في نفس الوقت (القاضي أو الحاكم)، الذي يصدر الحكم قبل التحقيق وقبل تمحيص الإدعاءات وعليه فإن السيد العقيد جيم ستيل آمر قوة المداهمة والقبض، وهو الذي حقق معنا، هو ذاته من وقع أمر طردنا وقبل ثبوت الأدلة، وهذا مناف لأبسط قواعد القانون المحلي والدولي.

لقد ثبت بما لا يقبل التأويل والشك أن التهمة كانت قد لفقت ضد مجموعة الضباط من قبل شلة فاسدة بهدف إزاحة هذه المجموعة لكي يخلو الجو للشلة في التسلق نحو قمة المسؤولية في كلية الشرطة وجهاز الشرطة ونيل الحظوة النفاقية لدى المحتلين، وكانت هذه الشلة ذاتها تقف حجر عثرة أمام أي محاولة لتصحيح أوضاعنا.

     ولقد تقدمنا بعدة طلبات بعد إطلاق سراحنا بالبراءة،  إلى سلطة التحالف، ومفتش الشرطة بيرنارد كيرك،  ثم إلى وزارة الداخلية العراقية  بعد تشكيلها، لإعادة النظر في قرار الطرد والحرمان من الرواتب، خاصة وأن لدينا خدمة في المسلك تمتد إلى أكثر من 35 عاما، ولم تتلوث أيادينا بسوء معاملة أو فساد بل كانت خدمتنا متميزة بشهادة أضابيرنا الشخصية وشهادات كل زملائنا المنصفين.

 

           وها هو عام يمر على المظلمة، وسلطة التحالف حائرة في أمرها متخبطة في قراراتها لا تريد أن تعترف بخطأ ارتكبته في حقنا، ووزارة الداخلية العراقية عاجزة أن تفعل لنا شيئا من أجل رفع هذه المظلمة التي طالت بقسوتها 15 عائلة بقيت دون راتب أو تقاعد، ولا يدري المظلومون لمن يتوجهون بمظلمتهم، وهل هناك اليوم  قضاء عراقي إداري فاعل الآن يمكن أن ينصف المظلومين ويحسم قضاياهم ويلغي القرارات الباطلة؟، ولا أظن القضاء العراقي (صاحب الإرث الرائع والمواقف المتميزة المشهودة في التصدي للظلم) عاجزا عن أن يصحح القرارات الظالمة ويلغيها لصالح المظلومين طالما هي منافية لقواعد القانون، وأملنا أن يكون القضاء العراقي نصيرا للمظلومين ونتطلع إلى قابل الأيام علَّ هناك بريق أمل في نهاية النفق المظلم!.

 

 

 

 


مشاهدات 39
الكاتب أكرم عبد الرزاق المشهداني
أضيف 2025/05/09 - 11:56 PM
آخر تحديث 2025/05/10 - 1:55 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 189 الشهر 11438 الكلي 11005442
الوقت الآن
السبت 2025/5/10 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير