الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الراوي العليم والروائي كلي العلم في الرواية القصيرة جدا


الراوي العليم والروائي كلي العلم في الرواية القصيرة جدا

 حميد الحريزي

 

خلال السرد الروائي للاحداث والسلوكيات والتحولات يلجأ الروائي الى اسلوب الراوي العليم عبر ضمير الهو  وهو توصيف للفعل والظاهرة والمكان الظاهرة المرئية حيث يتابعها الروائي للتوصيف والتعريف حتى للحوارات بين الشخصيات المختلفة  خلال الحبكة الروائية ، وهذا  السائد الأعم الاغلب  وبذلك فالراوي هو الوسيط الناقل بين الحدث والشخصية وبين المتلقي لتمكينه من متابعة أحداث الرواية .

وأحيانا يتحدث الراوي بضمير الأنا العارف بذاته والمتحكم في الحدث وينقل للمتلقي تصوراته لتكتمل عنده الصورة ويتابع تحولات الاحداث وهنايتحكم الأنا في إظهار أو إضمار مايريد للمتلقي القاريء

في عصر العولمة والمعلوماتية المتدفقة الى خزين الانسان  يكون لديه فيض معرفي كبير وفر للروائي القدرة على إختزال وإضمار الكثير من المعلومات التي استبطنها المتلقي  فلا داعي لأعادة سردها .

أن هذا العصر إمتاز بكراهيته الشديدة للتلقين والقوامة والحديث والتحليل والتركيب من قبل عنصر خارجي عن طريق ما أصطلح عليه في  عالم السرد بالراوي كلي العلم الذي يملي على المتلقي الإحساسات الداخلية المنولوج الداخلي لشخصيات الرواية  الرئيسة والثانوية وينقلها الى القاريء والمتلقي ، بناء على رؤاه الشخصية المستبطنة من سير أحداث الرواية ودور الروائي للوصول الى مسارات الرواية كما يريد  متجاهلا تماما ما يختمر في مخيلة وحدس واستنتاج القاريء عبرمسارات السرد للأنفعالات الداخلية للشخصية الروائية رئيسية أو ثانوية والتنبوء بسلوكياتها  والعوامل الدافعة أو المعيقة لسلوك معين أو لردة فعل محدد ربما تختلف تمام الأختلاف مع ما يذهب اليه  وما يمليه الراوي كلي العلم على المتلقي ، فقد تأخذ الرواية مسارات تختلف عما يريد رسمها الروائي لتلقينها للمتلقي ...

ولا ندري بالضبط من أين اعطى الكاتب الروائي لنفسه هذه القدرة الفائقة على النفاذ داخل نفس الشخصية ومن مكنه من معرفة كل تطلعات الشخصية وسلوكياتها الآنية والمستقبلية دون أن تصرح بها الشخصية وتحولها الى سلوك فعلي ، وبذلك فالروائي يمنح نفسه شخصية وعلمية وقدرة عالم نفس من النوع الأول ، ولا نرى ذلك ممكنا وغير مهيأ لأغلب الروائيين...فالواقع يقول أن حتى الأب ، والأم ، والمربي لايستطيع أن يحدد سلوك  الطفل الذي يشرف على تربيته وتنشئته بشكل دقيق...

نرى أن هذه أحد الميزات المهمة التي تتصف بها الرواية القصيرة جدا أن لايسهب الروائي في  تفعيل الراوي كلي العلم  في كشف بواطن الشخصية وحوارها مع الذات ، وبذلك  يشرك المتلقي ويترك لها  مساحة من الحرية في حياكة الأحداث وتطوراتها ، فينسج المؤلف الثاني نصا ثانيا موازيا في مخيلته  قد تنسجم وقد تختلف مع ما حاكه النساج الأول  أو المؤلف الأول حتى في استخدام ألوان خيوط السرد وصور نسيجه  النهائي.

هنا لانغفل ضرورة اهتمام الرواية القصيرة جدا بالجانب النفسي لأنسان العصر الرهن بسبب مايعانيه من ضغوط حياتية هائلة، وتنوع وتطور وسائل التأثير محاولة بناء شخصيته وسلوكياته وطريقة تفكيره حسب مصالح وتطلعات الطبقة الحاكمة وتجعل منه شخصية تميل الى استهلاكية من الدرجة الاولى مياله نحو ماركة محدد وشركة بعينها في عالم وحشي التنافس من اجل الربح والكسب المادي دون مراعاة مصالح الانسان ، وهنا يكون للرواية دور مهم وفعال في توجيه ميول الشخص وتوجهاته وسلوكياته ...

 

 


مشاهدات 37
الكاتب  حميد الحريزي
أضيف 2025/05/04 - 3:33 PM
آخر تحديث 2025/05/05 - 6:31 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 349 الشهر 5142 الكلي 10999146
الوقت الآن
الإثنين 2025/5/5 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير