دور الذكاء الإصطناعي بتطوير العلم وكشف الفساد
المؤتمر العلمي الدولي الثامن لإتحاد الإحصائيين العرب
اربيل - أمجاد ناصر
ناقش المؤتمر العلمي الدولي الثامن لاتحاد الإحصائيين العرب، الذي عُقد بالتعاون مع جامعة تيشك الدولية في مدينة أربيل، و زارة التعليم العالي في إقليم كوردستان العراق, تحت شعار( التأثير بين الذكاء الاصطناعي والإحصاءات الفاعلة لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة ) مجالات متعددة بأستخدام طبيقات الذكاء الاصطناعي في الإحصاء السكاني والعمليات الانتخابية والتعليم الجامعي ومحاربة الفساد وغسيل الأموال.
وقال البروفيسور الدكتور قيصر صالح السامرائي، عضو اللجنة التنظيمية والتحضيرية للمؤتمر العلمي لـ الزمان : يهدف المؤتمر إلى بناء قدرات الأساتذة والطلبة والمنظمات الحكومية والمجتمع المدني من أجل نقل وتوظيف تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في مجالات التعليم المختلفة، بدءًا من التعليم الابتدائي وحتى التعليم الجامعي, لكونه أصبح من المفاصل الحيوية في الحياة العامة، وتتسارع خطوات دمجه في الوزارات، الأعمال، التعليم، والمجتمع المدني , كما أن الطلبة لديهم قابلية واستعداد كبير لتعلّم الذكاء الاصطناعي، خاصة مع توافر خلفيات تقنية جيدة لديهم في مجال الحاسوب و فتح كورسات تعليمية وتدريبية متخصصة ضمن البرامج الأكاديمية، لتمكين الطلبة من اكتساب المهارات المطلوبة ومواكبة سوق العمل، أثناء الدراسة أو بعدها, لأهمية الذكاء الاصطناعي كأداة استراتيجية في تطوير الكفاءات، زيادة الإنتاجية، وتوفير الوقت والجهد في مختلف القطاعات, وهذا ما يؤكد عليه رئيس امناء جامعة تيشك الدولية الدكتور ادريس هادي و رئيس الجامعة الدكتور سلطان ابو عرابي .
كما أكد الدكتور غازي إبراهيم رحو، ممثل اتحاد الحصائيين العرب التابع لمجلس الوحدة الاقتصادية في جامعة الدول العربية: استقبل المؤتمر 94 بحثًا علميًا وتمت الموافقة على 42 منها من العراق، مصر، السودان، ليبيا، الجزائر، إقليم كردستان العراق، عُمان، الكويت، والسعودية , إنجلترا وأستراليا، وينقسم المؤتمر إلى ثلاث جلسات حوارية , الجلسة الأولى تركز على العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والإحصاءات العامة والتنموية، وكيفية تسخير الذكاء الاصطناعي لتلبية احتياجات الدول العربية في مجالات التنمية الشاملة ( التربوية، العلمية، الثقافية، الصناعية، والزراعية ) وشارك فيها خبراء من بريطانيا، الأردن، وأستراليا. والجلسة الثانية تُعنى بالجانب الطبي الإحصائي، وترأسها البروفيسور زفارو، طبيب مختص في أمراض القلب والأوعية الدموية في كاليفورنيا، بمشاركة أطباء عراقيين, تتناول الجلسة الإحصاءات المتعلقة بأمراض القلب في الشرق الأوسط وسبل تقليل نسب الإصابة بها, أما الجلسة الثالثة، فتمحورت حول التعداد السكاني في العراق عام 2024، لتحليل البيانات الناتجة والاحتياجات المستقبلية للبنية التحتية لـ 46 مليون نسمة، في المجالات مثل الجسور والمستشفيات والخدمات الاجتماعية, ودورنا كالاتحاد الاحصائيين, نتابع التوصيات و تنفيذها في الدول العربية، والعراق يُعد من أكثر الدول التزامًا بتنفيذ توصيات المؤتمرات السابقة، خاصة بعد توجيهات رئيس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني, بضرورة إدماج الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات , وانتشاره السريع استدعى اهتمامًا عالميًا لفهم إمكاناته الضخمة، والتي تتعدى قدرة الإنسان في البحث والتحليل، وأن هذا الدخول يجب أن يكون مدروسًا لتفادي آثاره السلبية، خاصة في المجتمعات العربية غير مهيأة بالكامل للثورة الصناعية الرابعة بسبب ضعف التدريب والاستعداد.
كما أوضحً الدكتور ضياء الجميلي مستشار رئيس الوزراء بالذكاء الاصطناعي : نؤكدًا على أهمية احترام التعدد اللغوي والثقافي في العراق ، وضرورة إشراك الأطفال في تعلم اللغات المختلفة منذ سن مبكرة, و تحتوي اللغة الكردية على نحو 200 ألف كلمة، بينما تحوي اللغة العربية حوالي 12.5 مليون، وهذا مصدرً ثقافي غنى ، لا يجب أن يخلق تفرقة، بل تكاملاً حضاريًا وهذا التنوع الثقافي نشاهدة في المناسبات العراقية، مثل الأعراس التي تضم الكرد والعرب من مختلف المناطق، ويعتبر هذا التنوع مصدرًا للذكاء الاصطناعي التوليدي، لأنه يغذي الإبداع والابتكار من خلال اختلاف المرجعيات والخلفيات , و يمتلك العراق إرثًا ثقافيًا وفنيًا هائلًا يمكن أن يُعلّم الغرب عنه، فبعد استهلاك المحتوى الغربي، بحاجة إلى إبراز محتوانا الخاص من النصوص والمسرحيات والفنون.
تطوير البرامج
كما أشار, شيروان أنور مصطفى، مستشار رابطة المصارف الخاصة العراقية : بحث المؤتمرون, سبل استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تطوير البرامج الإحصائية التي من شأنها أن تعزز أداء المؤسسات وتجعلها أكثر قدرة على التنافس في بيئة عالمية متغيرة ,و كيفية توظيف الذكاء الاصطناعي والتحليل الإحصائي لبناء برامج عمل استراتيجية وفعالة للقطاع المصرفي بشكل مباشر، خصوصًا في ظل التوجه المتزايد نحو التحول الرقمي، والذي بات ضرورة حتمية في العالم المعاصر , و التحول الرقمي في المصارف يتطلب اتباع منهجيات تحليلية دقيقة لاتخاذ قرارات استراتيجية محسوبة، خاصة في ما يتعلق بـإدارة المخاطر، ومنح القروض، وتطوير قواعد البيانات التي تخدم التنمية الاقتصادية.
وتمكين الشباب الرياديين، ومساعدتهم على الوصول إلى مستوى عالمي من التحدي والمنافسة , والقطاع المصرفي العراقي لا يمكن أن ينفصل عن المنظومة المالية الدولية، لأن العمليات المصرفية مثل الاعتمادات والتحويلات مرتبطة بشبكة عالمية. ولذلك فإن أي تحديث في أداء المصارف، أو تعزيز دورها المجتمعي، أو تحسين مساهمتها في خلق فرص العمل، يُعد مكسبًا وطنيًا مهمًا , و هذا النوع من المؤتمرات يمثل وسامًا على صدر المؤسسات المالية، لأنه يسهم في بناء بلد أفضل وأكثر استقرارًا اقتصاديًا من خلال المعرفة، التقنية، والشراكة المؤسسية.
المشاركة العربية
كما بين الأستاذ الدكتور محمد عبدالله عارف عطير، عميد كلية تكنولوجيا المعلومات في جامعة الشرق الأوسط/ الاردن : قضية أمن أنظمة الذكاء الاصطناعي، مفرقًا بين الأنظمة مفتوحة المصدر (Open Source) وتلك مغلقة المصدر (Closed Source) و أن الأنظمة مفتوحة المصدر متاحة للعامة، ما يعني أن أي شخص يمكنه دراسة شفرتها المصدرية، ومعرفة كيفية تصميمها وعملها، مما يجعلها أكثر شفافية، لكنها في الوقت نفسه أكثر عرضة للاختراق، نظرًا لإمكانية الوصول المفتوح إلى بنيتها , وفي المقابل أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT تعد أنظمة مغلقة المصدر، حيث لا يمكن للمستخدمين الوصول إلى الشيفرة البرمجية أو تفاصيل بنائها الداخلي.
ورغم هذا الإغلاق، فإن هذه الأنظمة ليست محصّنة بالكامل من الاختراق، لكنها تتطلب قدرات تقنية متقدمة ومهارات عالية جدًا من الجهات المخترقة, والتطورات المستقبلية التي قد تُضاعف التحديات الأمنية، على الحواسيب الكمومي (Quantum Computers)، وهذه الحواسيب تمتلك القدرة على إجراء مليارات العمليات الحسابية في الثانية، متفوقة بملايين المرات على الحواسيب التقليدية. مثالاً حاسوب كمومي صيني تمكن من حل مسألة رياضية معقدة كانت تحتاج إلى 2500 عام من المعالجة بالحواسيب التقليدية، لكنه أنجزها في 200 ثانية فقط، أي في نحو ثلاث دقائق، وهو إنجاز يوضح مدى القوة المحتملة لهذه التكنولوجيا , أن أنظمة الذكاء الاصطناعي، سواء مفتوحة أو مغلقة المصدر، معرضة للاختراق، خاصة في ظل القدرات الخارقة للحواسيب الكمومية التي قد تُغيّر مستقبل الأمن السيبراني وتفرض تحديات جديدة تتطلب استراتيجيات متقدمة لحماية البيانات والأنظمة. كما أوضح سالم المعولي، المتخصص في التخطيط والإحصاء في وزارة الصحة العمانية: هذه فرصة ثمينة ومهمة، لتبادل الخبرات والمعرفة بين نخبة من القامات الإحصائية العربي ,و دمج الذكاء الاصطناعي مع البيانات الإحصائية، و مستقبل العمل الإحصائي في ظل التقدم الكبير في تقنيات الذكاء الاصطناعي. لان هذه القضايا ذات أهمية استراتيجية كبيرة، خاصة للعاملين في مجالات التخطيط والصحة العامة، حيث تسهم في تطوير أدوات التحليل واتخاذ القرار المبني على البيانات الذكية , وأن الحضور العربي الواسع والمواضيع المطروحة يجعل من هذه القمة منبرًا مهمًا للتطوير المشترك نحو مستقبل عربي أكثر وعيًا بأهمية الإحصاء والذكاء الاصطناعي ، سواء من حيث الدول العربية الممثلة أو المستويات المهنية، من مهندسين وأساتذة جامعات ومحاضرين، ما يضفي على الفعالية طابعًا علميًا عميقًا وغنيًا.
وأن التقارب الثقافي واللغوي والعادات المشتركة بين الحضور العرب يعزز من فاعلية التواصل ويزيد من فرص الاستفادة العملية والعلمية.