الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
معابر العراق المفتوحة.. حين تتقاطع المصالح وتضيع السيادة

بواسطة azzaman

معابر العراق المفتوحة.. حين تتقاطع المصالح وتضيع السيادة

الاء الصوفي

 

في خضم التحولات الإقليمية المتسارعة، تتكرر اللقاءات الأمنية بين مسؤولين سوريين وعراقيين بعيداً عن الأضواء ورغم  غياب التصريحات الرسمية، فإن المؤشرات كافة تؤكد أن هذه اللقاءات تتجاوز التنسيق الأمني التقليدي، لتلامس إعادة رسم معادلآت النفوذ الإقليمي عبر العراق، الذي يبدو أنه يتحول تدريجياً إلى «مساحة مفتوحة» أمام كافة الأطراف، لا ساحة قرار سيادي واضح ولاشيء اخر ،  مؤخراً اعتمدت الحكومة الحالية   سياسة الأبواب المفتوحة منذ توليها المسؤولية ، وانتهجت سياسة  مقاربة براغماتية تقوم على عدم قطع الجسور مع أي طرف كان ، سواء دمشق وطهران  أو واشنطن وعواصم الخليج . وتقوم هذه السياسة على فكرة تحويل العراق إلى معبر يتقاطع فيه الجميع — بما في ذلك الاستخبارات الإقليمية والشبكات الاقتصادية وحتى الجماعات المسلحة — ضمن توازنات دقيقة تهدف إلى إبقاء البلاد في حالة حياد مرن ومتأرجح .

غير أن هذه المقاربة تنطوي على مخاطر جدية؛ إذ أن العراق، في ظل هذه السياسة، قد يتحول من دولة ذات «قرار سيادي» إلى مجرد ساحة عبور لمشاريع الآخرين، مع ما يحمله ذلك من تداعيات أمنية واقتصادية بعيدة المدى لا تُجدي نفعاً ، وبالمقابل السيطرة على المعابر ، وتتحرك سوريا ببطء وثبات، مدركة أن السيطرة على المعابر الحدودية — سواء الرسمية أو غير الرسمية — تمنح دمشق ورقة ضغط استراتيجية وسمعة يكتسبها ليكون اثقل وزناً ،

فمن خلال هذه المعابر، تمر ليس فقط البضائع والمخدرات، بل أيضًا الشبكات البشرية وحركات اللاجئين، فضلاً عن خطوط الإمداد الحيوية للنفوذ الإيراني في العمق العربي المتمدد ، اما بالنسبة لسوريا فإن العراق ليس مجرد جار، بل ممر لا غنى عنه لإعادة تثبيت موطئ قدم في المعادلة الإقليمية، عبر شراكات أمنية واقتصادية صامتة تتجاوز شعارات السيادة التقليدية .

ووسط وجود مخاوف خليجية... وصمت أميركي وبالتوازي، تراقب السعودية والإمارات هذا التقارب بحذر بالغ من بعيد ،  في حين تخشى الرياض وأبوظبي من أن يؤدي الانفتاح العراقي على دمشق وطهران إلى تقويض مشاريع إرساء شرق أوسط مستقر، يقوم على تحجيم النفوذ الإيراني وإعادة دمج سوريا وفق شروط سياسية صارمة وغير قابلة  للتفاوض في المقابل، تلوذ واشنطن بالصمت النسبي، مكتفية بمراقبة المشهد دون تدخل مباشر، ما يعكس ربما اقتناعها بأن إدارة المصالح عبر وكلاء محليين قد تكون أقل كلفة من الدخول في مواجهة جديدة خاصة بعد حسابات جديدة موخراً تجريها في الاقتصاد الدولي ،  اما للعودة الى العراق   تسير  الى دولة معبر لا دولة قرار، تحت  ظل هذه المعادلات المعقدة، يبدو أن العراق يقترب شيئًا فشيئًا من نموذج الدولة ـ المعبر :- بلد مفتوح على الجميع، لكنه فاقد تدريجيًا للقدرة على التحكم بمساراته السيادية المتفرعة ،،، الحكومة  الآن و بمراهنتها على توزيع الأدوار وإرضاء جميع الأطراف، قد تنجح مرحليًا في الحفاظ على توازن هش، لكنها تخاطر على المدى البعيد بأن تفرغ الدولة من مضمونها السيادي، محولاً بغداد إلى عاصمة تتلاقى فيها المشاريع أكثر مما تصنع قراراتها المستقلة ، والسؤال ألاخير هنا ؟! قد تكون إجابته مريرة ... كيف يكون شكل المنزل إذا أُزيلت أبوابه الكبيرة والصغيرة؟ الإجابة، في الحالة العراقية، لا تحتمل الانتظار أو التبرير؛ بل تحتاج إلى ردع حقيقي يعيد للدولة حدودها قبل أن تُختصر إلى مجرد معبر في لعبة الكبار .

 

 


مشاهدات 39
الكاتب الاء الصوفي
أضيف 2025/04/29 - 2:36 PM
آخر تحديث 2025/04/30 - 7:28 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 357 الشهر 32439 الكلي 10913086
الوقت الآن
الأربعاء 2025/4/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير