الشعب والوعي السياسي
عبدالهادي البابي
عندما نكون في منعطف تاريخي حساس ، وعندما يكون الموقف بيننا وبين العودة للنظام الدكتاتوري الشمولي موقفاً تاريخياً فاصلاً، فإن من أفدح الأخطاء في ظروف صعبة وعسيرة مثل هذه الظروف أن تغلب العاطفة والإنفعال والشعارات على مواقفنا السياسية ولقاءاتنا وخطاباتنا الجماهيرية وحواراتنا المتبادلة داخل البيت العراقي الواحد. إن لغة العاطفة والإنفعالات والشعارات يمكن أن تتحول في بعض الحالات إلى ألغام سريعة الإنفجار تحّول الساحة العراقية إلى ساحات للسّجال والجدال العقيم وربما يؤدي ذلك إلى الصراع والإقتتال الداخلي. فعندما نرى أن طرفاً أو جهةً أو شخصاً أراد أن يستخدم هذه اللغة في إثارة التشنج في صفوف العراقيين ، ويعكر صفو العلاقات داخل الصف الوطني، فعلينا أن نواجهه بالعقلانية والدعوة إلى الحكمة وننهاه عن إثارة التفرقة والفتنة. إن اللقاءات والخطابات السياسية يجب أن تمتلك خلفية غنية من الوعي السياسي والإحاطة بالظروف السياسية المعقدة التي تحيط ببلدنا، ومن دون هذا الوعي السياسي (الشعبي) سوف يقع شعبنا وساحتنا في تخبط سياسي واسع، قد يجر البلد إلى صراعات مدمرة لايتمناها أحد فعلينا جميعاً (السياسيون، الإعلام.. النخب المثقفة الواعية) العمل على إشاعة الوعي السياسي ونشره في الأوساط الشعبية حتى تكون هذه الأوساط بمأمن من السقوط في شرك الشعارات والخطابات المتشنجة التي لاتخدم لنا وطناً ولاتبنى لنا مستقبلاً ينشده الجميع.