الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الجريانات الفيضية بين الحاجة وإغراق المدن

بواسطة azzaman

الجريانات الفيضية بين الحاجة وإغراق المدن

جمعة الدراجي

 

يحتم الفهم الأنساني للتعامل مع الجريانات الفيضية والسيول إبتداءً من الأسرة وموائمتها للتكيف مع الطبيعة تحسبا لمخاطرالفيضان ، لذا فأن رب الأسرة مدركا اين يدق اركان كوخه ، أي كان نوع الأيواء ، وما هي التدابير التي يتخذها لحماية حضيرته من الماشية ؟ او اختيار الأرض التي يخطط لوضع مغروساته عليها بالطرق البدائية والفطرة الأنسانية الذي جبل عليها ، لحماية أفراد الأسرة ، ووقاية ممتلكاته . وهذا الفهم توافقت معه ثقافات مجتمعية وإستراتيجيات الدول لمروره بمراحل عديدة من التطورات على مر التاريخ الذي يمثل الصراع الإنساني مع تقلبات الطبيعة.

بعد الحرب العالمية الثانية ودخول العالم في مرحلة جديدة وقفزة نوعية في عالم التحضر وزيادة اعداد السكان وتوسعة المدن والتخطيط العمراني الذي اخذ ابعادا حسابية وتقنيات علمية وتنبؤات لدراسة التغيرات الحادثة للجريانات المطرية المارة بالمدن الكبرى نزولا الى القرى ، قادت تلك الزيادة الى وضع طرق افضل للتنبؤ بأقصى تدفقات يمكن أن تنتج من الفيضانات ، وإقتراح أوسع الخطط للتعامل مع تلك التدفقات دون إغفال التوازن تحسبا لحالات الجفاف التي تعقب تلك الموجات الفيضية كل حسب موسمها الطقسي من المناخ السائد لكل منطقة٬ وأصبحت دراسات الموارد المائية حدثا يوميا في كثير من دول العالم المتسارعة في النمو، مثل الولايات المتحدة الأمريكية ، واوربا لمعالجة تلك التدفقات المتسببة لإحداث فوضى ودمار بإغمار المناطق المأهولة بالسكان وممتلكاتهم ، كما هو الحال في السهول الفيضية في هولندا بعد أن كانت تجتاحها الفيضانات أصبحت تلك الأراضي من انتج الأراضي الزراعية في أوربا بعد الحرب العالمية الثانية بإحداث نظام هايدرولوجي يستوعب تلك التدفقات الفيضية بعمل السداد والنواظم .

حلول هيكلية

وفي كثير من البلدان تسببت الفيضانات الناتجة عن الأعاصير الفيضية الى الضحايا بالأرواح ، مما احدث تحول كبير في السياسات العالمية للتعامل مع الفيضانات بتحويل التساقط المطري للجريان في المناطق المكتظة في السكان بعيد عن اسستخدام الحلول الهيكلية فقط ، وإنشاء السدود وقنوات التصريف ، بل أصبحت تصاميم المدن تعرض على خطة إدارة الفيضانات للفهم الحاصل في الوقاية من الاثارالمدمرة ، وفي نفس الوقت العمل على التسليك الى مجاريها الطبيعية ، كالأنهار او تعزيز النظم الأكيولجية والمسطحات المائية الطبيعية او المستجمعات والخزانات السطحية والسدود او تعزيز الموارد الجوفية او تمريرها باتجاه البحار ، إن كانت فوق الطاقة الإستيعابية لحوض التدفق٬ ومن النماذج العالمية في بداية السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي ، اصبح لدى الولايات المتحدة الأمريكية تقييم وتخطيط للجريانت الفيضية والسهول المستقبلة لها مراكز أبحاث ، وظيفتها الرئيسية لعلماء الهيدرولوجيا بوضع إسهاماتهم لوكالة إدارة الطواىء الإتحادية للتحكم في الفيضانات او التصرف بها خارجا ، او تأهيل المجتمعات للتأمين ضد الفيضانات ، ويتطلب التخطيط والمخططات لحدود السهول الفيضية باستخدام التحليل الهايدروليجي والنماذج الهيدولوجية المتعددة٬ وهذه الوظيفة لها دور حيوي في كثير من المناطق الحضرية التي تعرضت الى الفيضانات والأعاصير الشديدة التي لا تزال تضرب الولايات المتحدة خاصة في المناطق الساحلية المنخفضة. وشهدت المدة المشار اليها أعلاه في كل انحاء العالم إدخال الحاسب الآلي الرقمي ، والأقمار الصناعية بمحاكاة الأرصاد الجوية ومسائل المياه المعقدة لتحليل التساؤلات الهيدرولوجية ، للجمع المباشر للبيانات ومقارنتها مع المشاهدات الحية التي ساعدت على قراءة الأنظمة الهايدرولوجية الى حد كبير. استقي هذه المعلومات من التجارب العالمية التي تولي اهتماما كبيرا لدراستها ، والعمل على تطبيقها بارض الواقع٬ ومن هنا ادعو الى ردم الفجوة بين المؤسسات الوطنية البحثية وفي مقدمتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والمؤسسات القطاعية لتشكيلات وزارة الموارد المائية التي تتعامل مع السيول سواء تلك التي لها سقيط على السهول الفيضية والمستجمعات القادمة من مناطق الوعرة من الحدود الشرقية للجارة إيران واغلبها موجات فيضية وسيول و جريانات خارجة عن سيطرة تلك الدول ، ويمكن تحديد جريناتها من وادي الدوز بأمتداد الحدود الشرقية للبلاد حتى هور السناف شرق العمارة ، وإن كان قسمها الشمالي يذهب الغالب منها الى السدود في دوكان ودربندخان وديالى والعظيم و ماعدها جنوبا جريانات غير منتظمة بمسارات غير موجهة مشكلة مستجمعات مملحة ذات ترب إنزلاقية ، مثل هور الشويجة شرق واسط والشماشير شرق شيخ سعد وجزيرة الجباسي شرق ناحية علي الشرقي التي تصدها السدة الوترية ، وإن كانت هناك بعض الأودية تصب مباشرة في دجلة مثل الجباب ومنفذ أخر استحداث جريان طبيعي عام 2019 قرب علي الغربي . ومن الغرب جريانات الهضبة الغربية الممتدة من الشام حتى نهاية الحدود المشتركة مع السعودية ،التي تقطع مسارت طويلة المعززة بواردات قد تصل الى الفرات وإن لم تصل فتعزيزا للمياه الجوفية ، وري الغطاء النباتي لتثبيت الكثبان الرملية.

تحليل مناشيء

ان موجات الجفاف التي مرت على العراق طيلة العقود الأخيرة لعدم تنظيم صكوك قانونية وبروتكولات للتعاون المشترك بتقاسم المياه بين العراق ودول الجوار المائي ، وإستمرار المساس بحصة العراق التاريخية المكتسبة ، فأن الحاجة تحتم التعامل حتى من اسطح المنازل والطرقات وكافة الجريانات المهددة لمراكز المدن بالأغراق ، لتطبيق نماذج المحاكاة الهيدرولوجية لتحليل مناشيء تلك الواردات ، والاستفادة من التساقطات السابقة عبر فترات زمنية لأستحدام نماذجها الأحصائية ، وبيانات مسار تدفق المياه عبر السلسلة الزمنية ، وتحليل مقاديرها بنماذج احصائيات ومتغيرات المقارنة لتكرار تلك الفيضانات . دأبت الدراسات العالمية استخدامها المناهج الرقمية الجديدة . لقد حان الوقت للعمل بتطبيقاتها على الطبيعة الطوبغراقية العراقية التي تحتاج تلك النماذج العالمية التي وصلت ابحاثها الى احداث ثورة في علوم الهيردولوجيا في السنوات الأخيرة ومؤشرات هذا العلم يتطور تبعا للتطور الحاصل في الحواسيب السريعة في برامجياتها المتسارعة للتعامل مع قواعد البيانات المتاحة لسيناريوهات منتجة وبدائل مهمة بغية إتاحتها بمرونة الى الأجيال القادمة٬ وبسب الدورة المائية المعقدة المتأثرة بالتغييرات المناخية وعلاقتها بالطقس والأنماط المناخية والترب التي تمر عليها الجريانات او التي يقام عليها الخزين ، كل هذ يحتاج الى دراسات مركبة ، ومتقاطعة يفترض ان تكون تكاملية ، يدعم بعضها البعض ، لإقامة المنشآت من قنوات مبطنة وسدود ونواظم ، ودراسة السمات لمورفولوجيا سطح الأرض من الأنهار والتلال والسهول والشواطىء والكثبان الرنلية  وثيقة الصلة لأرتباطها بعلوم المناخ والجيلوجيا وعلوم البحار والبيئة٬ وهذا يدعونا الى العمل على تحديث الأختصاصات في علوم الهيدرلوجيا بغية التعامل مع هذه الثروات الوطنية من السيول التي نحن بأمس الحاجة اليها من أي وقت مضى وان نغادر الثقافة الأحادية لدرىء الفيضانات  بل العمل على استيعابها وتخزينها بأحدث الطرق٬ توئمة الكليات الهندسية المختصة بالموارد المائية مع المؤسسات البحثية والجامعات العالمية التي لديها اختصاصات دقيقة بهذه العلوم أو ابتعاث أختصاصاتنا الهندسية للتزود بتلك المعارف بدل استقطاب الخبرات الأجنبية كما هو حاصل في وزارة النفط التي إبتعثت عدد من المختصين لدراسة التقنيات النادرة لهندسة النفط في الجامعات العالمية٬ تشيرالبيانات الحكومية ان 70 بالمئة من الواردات المائية قادمة من دول التشارك المائي وتقلصت هذه النسبة في السنوات الأخيرة لعدم وجود إتفاق مائي بين العراق ودول الجوارالمنتجة للمياه و ان هذه النسبة مرشحة للتدني اكثر فأكثر تبعا للسياسات المائية المتبعة لتلك الدول تجاه دولة المصب العراق ، ومن هنا تأتي الحاجة الى توجه العراق الى إستدامة جريانات الوارد المائي المحلي المقدر 30 بالمئة لعمل مشاريع حصاد مياه محلية على إمتداد الجريانات الوطنية أينما تكن٬ اعتبار كافة المساحات الوطنية منشأ مائي أنموذجي يستقبل كافة المدخلات المطرية والثلجية وتعزيزها بنواتج التدفق الخارجي سواء كان المسموح به او الواردات غير المسيطر عليها تبعا لتضاريس الجريانات الطبيعية٬ التركيز على المساحات التي تستقبل ذروة التساقط، وزمن التساقط ، ومدته، وعوامل وتحليل حدث الأمطار المعقد من خلال البرامج لتقنيات الحواسيب ، وتشبيك منشيء المياه الفرعي ، على مساحات زمن الانتقال بتجاه منشأ المياه المتد لأطول مسافة لأستقبال الواردات المائية٬ وتخصيص المبالغ المالية التي تتناسب مع حجم تلك المشاريع وأهميتها

 

 


مشاهدات 75
الكاتب جمعة الدراجي
أضيف 2025/04/14 - 4:12 PM
آخر تحديث 2025/04/16 - 12:03 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 198 الشهر 15233 الكلي 10595880
الوقت الآن
الأربعاء 2025/4/16 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير