العقل عند منذر الشاوي
خليل ابراهيم العبيدي
وهو بدقته المعروفة وبسلامة لغته المعهودة ، قال الدكتور منذر الشاوي ، وهو يحاضر علينا في درس القانون الدستوري موضوعة (علوية القاعدة الدستورية) قال جملة عرضية كان لها وقعا شديدا علينا ، لم انساها على الأقل من جانبي أنا ، وكانت تلك الجملة هي ، اريدكم أن تعلوا بعقولكم بعلو القاعدة الدستورية.
والمعروف عن الرجل أنه كان يحاضر في موضوع فلسفة القانون في المعهد القضائي ،واستاذ القانون الدستوري في كلية الشرطة ، وانه كان مهتمأ باكتشــــاف الموهوبين والمتابعين من طلابه، تذكرت تلك الجملة للراحل ، وانا أرى اليوم ، او ساسمع غدا بمدى استهانة أولي الامر فينا بالدســـــتور وسمو قواعده ، او ديمومتها ، وانها قواعد سامية تكاد ان تكون ابدية ، لا كما جاء في دستورنا من احكام انتقالية ، تلك التي خالفــــــــت أصول صياغة القـــــواعد الدستورية ، وكانت ضعيفة جـــــدلية ، ومنها المادة 140 الخلافية . التي تعطلت بصددها المدد الدستورية ، وصار الخلاف عـــندها حتى على وحدة اللحمة الوطنية .
سادتي ، كان الشاوي ومن قبله الدكتور حسن الجلبي ، أستاذ القانون الدولي العام ، والأستاذ عبد الباقي البكري ملهم أصول القانون وغيرهم من دهاقنة القانون او من رواد فلسفته يؤكدون دوما على قدسية قواعد القانون العام.
فكيف بقواعد او مواد الدستور النافذ ، تلك التي امست بسبب فضاضة الصياغة او ركة المضامين، أن صارت احكامه لقمة سائغة للتفسير او التأويل بل وان تخضع ببساطة لسلطة ذاك السياسي الذي يطلب من المحكمة الاتحادية الدفع بما يمليه هو من تفسير استهانة بالعقل الذي دعى إليه الشاوي لان يكون بعلو القاعدة الدستورية التي لا يعلو عليها سوى احكام كتاب الله عند المسلمين .
ان كل التراجع الذي اصاب العملية السياسية كان بسبب الاستهانة بالقواعد الدستورية برغم كل الاعتراضات عليها لانها قواعد تتمتع بالسمو والعلوية اضافة إلى الديمومة وصعوبة في التعديل الا وفقا لقواعد الصياغة والتطبيق .
وهنا تكمن فلسفة القانون الدستوري من أنه القاعدة السامية المانعة ، او الحكم الواجب التنفيذ بموجب قوانين يضعها برلمان رشيد وتنفذه حكومات تتفهم سمو الدستور ومعاني القانون ولها دقة متناهية في التنفيذ .